" صفحة رقم ٥٧١ "
) وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأرُونَ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءاتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (
النحل :( ٥٣ ) وما بكم من.....
) وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ ( وأيّ شيء حل بكم، أو اتصل بكم من نعمة، فهو من الله ) وَمَا بِكُم ( فما تتضرعون إلا إليه، والجؤار : رفع الصوت بالدعاء والاستغاثة. قال الأعشى يصف راهبا : يُرَاوِحُ مِنْ صَلَوَاتِ الْمَلِي
كِ طَوْراً سُجُوداً وَطَوْراً جُؤَارَا
وقرىء :( تجرون )، بطرح الهمزة وإلقاء حركتها على الجيم. وقرأ قتادة ( كاشف الضر ) على : فاعل بمعنى فعل، وهو أقوى من كشف ؛ لأن بناء المغالبة يدل على المبالغة. فإن قلت : فما معنى قوله :) إِذَا فَرِيقٌ مّنْكُم بِرَبّهِمْ يُشْرِكُونَ ( ؟ قلت : يجوز أن يكون الخطاب في قوله :) وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ( عاماً، ويريد بالفريق : فريق الكفرة وأن يكون الخطاب للمشركين ومنكم للبيان، لا للتبعيض، كأنه قال فإذا فريق كافر، وهم أنتم. ويجوز أن يكون فيهم من اعتبر، كقوله ) فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ ( ( لقمان : ٣٢ ) ) لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءاتَيْنَاهُمْ ( من نعمة الكشف عنهم، كأنهم جعلوا غرضهم في الشرك كفران النعمة ) فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ( تخلية ووعيد. وقرىء :( فيُمَتَّعوا )، بالياء مبنيا للمفعول، عطفا على ) لِيَكْفُرُواْ ( ويجوز أن يكون : ليكفروا فيمتعوا، من الأمر الوارد في معنى الخذلان والتخلية، واللام لام الأمر.
) وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْألُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (
النحل :( ٥٦ ) ويجعلون لما لا.....
) لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ ( أي لآلهتهم. ومعنى لا يعلمونها : أنه يسمونها آلهة، ويعتقدون فيها أنها تضر وتنفع وتشفع عند الله، وليس كذلك. وحقيقتها أنها جماد لا يضر ولا ينفع، فهم إذاً جاهلون بها، وقيل : الضمير في ) لاَّ يَعْلَمُونَ ( للآلهة. أي : لأشياء غير موصوفة بالعلم، ولا تشعر أجعلوا لها نصيباً في أنعامهم وزروعهم أم لا ؟ وكانوا يجعلون لهم ذلك تقرباً إليهم ) لَتُسْئَلُنَّ ( وعيد ) عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ ( من الإفك في زعمكم أنها آلهة، وأنها أهل للتقرب إليها.
) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالاٍّ نْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا