" صفحة رقم ٨ "
يظهر لهم دليل قط من الأدلة التي يجب فيها النظر والاستدلال والاعتبار إلا كانوا عنه معرضين تاركين للنظر لا يلتفتون إليه ولا يرفعون به رأساً لقلة خوفهم وتدبرهم للعواقب فقد كذبوا مردود على كلام محذوف كأنه قيل : إن كانوا معرضين عن الآيات فقد كذبوا بما هو أعظم آية وأكبرها وهو الحق ) لَمَّا جَاءهُمْ ( يعني القرآن الذي تحدُّوا به على تبالغهم في الفصاحة فعجزوا عنه ) فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاء ( الشيء الذي ) كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ( وهو القرآن : أي أخباره وأحواله بمعنى سيعلمون بأي شيء استهزءوا، وسيظهر لهم أنه لم يكن بموضع استهزاء، وذلك عند إرسال العذاب عليهم في الدنيا و يوم القيامة أو عند ظهور الإسلام وعلوّ كلمته.
) أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِى الاٌّ رْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَآءَ عَلَيْهِم مَّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الاٌّ نْهَارَ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً ءَاخَرِينَ (
الأنعام :( ٦ ) ألم يروا كم.....
مكن له في الأرض جعل له مكاناً له فيها، ونحوه أرّض له، ومنه قوله، ) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِى الاْرْضِ ( ( الكهف : ٨٤ ) ) أَوَ لَمْ نُمَكّن لَّهُمْ ( ( القصص : ٥٧ ) وأمّا مكنته في الأرض فأثبته فيها، ومنه قوله ) وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ ( ( الأحقاف : ٢٦ ) ولتقارب المعنيين جمع بينهما في قوله :) مَّكَّنَّاهُمْ فِى الاْرْضِ مَا لَمْ نُمَكّن لَّكُمْ ( والمعنى : لم نعط أهل مكة نحو ما أعطينا عاداً وثمود وغيرهم من البسطة في الأجسام والسعة في الأموال والاستظهار بأسباب الدنيا والسماء المظلة لأن الماء ينزل منها إلى السحاب أو السحاب أو المطر. والمدرار المغزار. فإن قلت : أي فائدة في ذكره إنشاء قرن آخرين بعدهم قلت : الدلالة على أنه لا يتعاظمه أن يهلك قرناً ويخرب بلاده منهم ؟ فإنه قادر على أن ينشىء مكانهم آخرين يعمر بهم بلاده كقوله تعالى ) وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا ( ( الشمس : ١٥ ).
) وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِى قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَاذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِىَ الاٌّ مْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ ( ٧ )
الأنعام :( ٧ - ٩ ) ولو نزلنا عليك.....
) كِتَاباً ( مكتوباً ) فِى قِرْطَاسٍ ( في ورق ) فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ ( ولم يقتصر بهم على الرؤية، لئلا يقولوا سكرت أبصارنا ولا تبقى لهم علة لقالوا ) إِنْ هَاذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (