" صفحة رقم ١١٧ "
لاستئنافها. فإن قلت : لكل واحد من القمرين فلك على حدة، فكيف قيل : جميعهم يسبحون في فلك ؟ قلت : هذا كقولهم ( كساهم الأمير حلة وقلدهم سيفاً ) أي كل واحد منهم، أو كساهم وقلدهم هذين الجنسين، فاكتفى بما يدل على الجنس اختصاراً، ولأنّ الغرض الدلالة على الجنس.
) وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (
الأنبياء :( ٣٤ ) وما جعلنا لبشر.....
كانوا يقدّرون أنه سيموت فيشمتون بموته، فنفى الله تعالى عنه الشماتة بهذا، أي : قضى الله أن لا يخلد في الدنيا بشراً، فلا أنت ولا هم إلا عرضة للموت، فإذا كان الأمر كذلك فإن مت أنت أيبقى هؤلاء ؟ وفي معناه قول القائل : فَقُلْ لِلَّشامِتِينَ بِنَا أفِيقُوا
سَيَلْقَى الشَّامِتُونَ كَمَا لَقِينَا
أي نختبركم بما يجب فيه الصبر من البلايا، وبما يجب فيه الشكر من النعم، وإلينا مرجعكم فنجازيكم على حسب ما يوجد منكم من الصبر أو الشكر، وإنما سمى ذلك ابتلاء وهو عالم بما سيكون من أعمال العاملين قبل وجودهم، لأنه في صورة الاختبار. و ) فِتْنَةً ( مصدر مؤكد لنبلوكم من غير لفظه.
) وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَاذَا الَّذِى يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَانِ هُمْ كَافِرُونَ (
الأنبياء :( ٣٦ ) وإذا رآك الذين.....
الذكر يكون بخير وبخلافه، فإذا دلت الحال على أحدهما أطلق ولم يقيد، كقولك للرجل : سمعت فلاناً يذكرك، فإن كان الذاكر صديقاً فهو ثناء، وإن كان عدوّاً فذم.


الصفحة التالية
Icon