" صفحة رقم ١٢٣ "
أنت وزوجك الجنة، أراد أن المقلدين والمقلدين جميعاً، منخرطون في سلك ضلال لا يخفى على من به أدنى مسكة، لاستناد الفريقين إلى غير دليل، بل إلى هوى متبع وشيطان مطاع، لاستبعادهم أن يكون ما هم عليه ضلالاً.
) قَالُواْ أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (
الأنبياء :( ٥٥ ) قالوا أجئتنا بالحق.....
بقوا متعجبين من تضليله إياهم، وحسبوا أن ما قاله إنما قاله على وجه المزاح والمداعبة، لا على طريق الجدّ. فقالوا له : هذا الذي جئتنا به، أهو جدّ وحق، أم لعب وهزل ؟
) قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ الَّذِى فطَرَهُنَّ وَأَنَاْ عَلَى ذالِكُمْ مِّنَ الشَّاهِدِينَ (
الأنبياء :( ٥٦ ) قال بل ربكم.....
الضمير في ) فطَرَهُنَّ ( للسموات والأرض. أو للتماثيل، وكونه للتماثيل أدخل في تضليلهم، وأثبت للاحتجاج عليهم. وشهادته على ذلك : إدلاؤه بالحجة عليه. وتصحيحه بها كما تصحح الدعوى بالشهادة، كأنه قال : وأنا أبين ذلك وأبرهن عليه كما تبين الدعاوي بالبينات، لأني لست مثلكم، فأقول ما لا أقدر على إثباته بالحجة. كما لم تقدروا على الاحتجاج لمذهبكم، ولم تزيدوا على أنكم وجدتم عليه آباءكم.
) وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (
الأنبياء :( ٥٧ ) وتالله لأكيدن أصنامكم.....
قرأ معاذ بن جبل ( بالله ) وقرىء ( تولوا ) بمعنى تتولوا. ويقويها قوله :) فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ ( ( الصافات : ٩٠ ). فإن قلت : ما الفرق بين الباء والتاء ؟ قلت : أن الباء هي الأصل، والتاء بدل من الواو المبدلة منها، وأن التاء فيها زيادة معنى وهو التعجب، كأنه تعجب من تسهل الكيد على يده وتأتيه، لأن ذلك كان أمراً مقنوطاً منه لصعوبته وتعذره. ولعمري إن مثله صعب متعذر في كل زمان. خصوصاً في زمن نمروذ مع عتوّه واستكباره وقوة سلطانه وتهالكه على نصرة دينه ولكن : إذَا اللَّهُ سَنَّى عِقْدَ شَيْءٍ تَيَسَّرا ;
روي أن آزر خرج به في يوم عيد لهم، فبدؤا ببيت الأصنام فدخلوه وسجدوا لها


الصفحة التالية
Icon