" صفحة رقم ١٣٠ "
خلقه في الشجرة حين كلم موسى وجواب آخر : وهو أن يسبح من رآها تسير بتسيير الله، فلما حملت على التسبيح وصفت به ) وَكُنَّا فَاعِلِينَ ( أي قادرين على أن نفعل هذا وإن كان عجباً عندكم وقيل : وكنا نفعل بالأنبياء مثل ذلك.
اللبوس : الباس. قال :
الْبَسْ لِكُلِّ حَالَةٍ لَبُوسَهَا
والمراد الدرع قال قتادة : كانت صفائح فأوّل من سردها وحلقها داود، فجمعت الخفة والتحصين ) لِتُحْصِنَكُمْ ( قرىء بالنون والياء والتاء، وتخفيف الصاد وتشديدها ؛ فالنون لله عز وجل، والتاء للصنعة أو للبوس على تأويل الدرع، والياء لداود أو للبوس.
) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِى بِأَمْرِهِ إِلَى الاٌّ رْضِ الَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَىْءٍ عَالِمِينَ وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذالِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (
الأنبياء :( ٨١ ) ولسليمان الريح عاصفة.....
قرىء :( الريح ) و ( الرياح ) بالرفع والنصب فيهما ؛ فالرفع على الابتداء، والنصب على العطف على الجبال. فإن قلت : وصفت هذه الرياح بالعصف تارة وبالرخاوة أخرى، فما التوفيق بينهما ؟ قلت : كانت في نفسها رخية طيبة كالنسيم، فإذا مرت بكرسيه أبعدت به في مدة يسيرة، على ما قال :) غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ( ( سبأ : ١٢ ) فكان جمعها بين الأمرين أن تكون رخاء في نفسها وعاصفة في عملها، مع طاعتها لسليمان وهبوبها على حسب ما يريد ويحتكم : آية إلى آية ومعجزة إلى معجزة. وقيل كانت في وقت رخاء، وفي وقت عاصفاً ؛ لهبوبها على حكم إرادته، وقد أحاط علمنا بكل شيء فنجري الأشياء كلها على ما يقتضيه علمنا وحكمتنا.


الصفحة التالية
Icon