" صفحة رقم ١٣٢ "
بذلك لأنه ذو الحظ من الله والمجدود على الحقيقة. وقيل : كان له ضعف عمل الأنبياء في زمانه وضعف ثوابهم. وقيل : خمسة من الأنبياء ذوو اسمين : إسرائيل ويعقوب. إلياس وذو الكفل. عيس والمسيح. يونس وذو النون. محمد وأحمد : صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
) وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِى الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَاهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (
الأنبياء :( ٨٧ ) وذا النون إذ.....
) النُّونِ ( الحوت، فأضيف إليه. برم بقومه لطول ما ذكرهم فلم يذكروا وأقاموا على كفرهم، فراغمهم وظنّ أنّ ذلك يسوغ حيث لم يفعله إلا غضباً لله وأنفة لدينه وبغضاً للكفر وأهله، وكان عليه أن يصابر وينتظر الإذن من الله في المهاجرة عنهم، فابتلي ببطن الحوت. ومعنى مغاضبته لقومه : أنه أغضبهم بمفارقته لخوفهم حلول العقاب عليهم عندها. وقرأ أبو شرف ( مغضباً ) قريء :( نقدر ) و ( نقدّر ) مخففاً ومثقلاً ويقدر، بالياء بالتخفيف. ويقدر. ويقدّر، على البناء للمفعول مخففاً ومثقلاً. وفسرت بالتضييق عليه، وبتقدير الله عليه عقوبة. وعن ابن عباس : أنه دخل على معاوية فقال : لقد ضربتني أمواج القرآن البارحة فغرقت فيها، فلم أجد لنفسي خلاصاً إلا بك. قال : وما هي يا معاوية، فقرأ هذه الآية وقال : أو يظن نبيّ الله أن لا يقدر عليه ؟ قال : هذا من القدر لامن القدرة. والمخفف يصح أن يفسر بالقدرة، على معنى : أن لن نعمل فيه قدرتنا، وأن يكون من باب التمثيل، بمعنى : فكانت حاله ممثلة بحال من ظنّ أن لن نقدر عليه في مراغمته قومه، من غير انتظار لأمر الله. ويجوز أن يسبق ذلك إلى وهمه بوسوسة الشيطان، ثم يردعه ويرده بالبرهان، كما يفعل المؤمن المحقق بنزغات الشيطان وما يوسوس إليه في كل وقت. ومنه قوله تعالى :) وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَاْ ( ( الأحزاب : ١٠ ) والخطاب للمؤمنين ) فِى الظُّلُمَاتِ ( أي في الظلمة الشديدة المتكاثفة في بطن الحوت، كقوله :) ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ ( ( البقرة : ١٧ ) وقوله :) يُخْرِجُونَهُم مّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ( ( البقرة : ٢٥٧ ) وقيل : ظلمات بطن الحوت والبحر والليل. وقيل : ابتلع حوتَهُ حوتٌ أكبر منه، فحصل في ظلمتي بطني الحوتين وظلمة البحر. أي بأنه ) لاَّ إِلَاهَ إِلاَّ أَنتَ ( أو بمعنى ( أي ) عن النبي ( ﷺ ) :


الصفحة التالية
Icon