" صفحة رقم ١٧ "
يوسف النجار مريم وابنها إلى غار، فلبثوا فيه أربعين يوماً حتى تعلت من نفاسها، ثم جاءت تحمله فكلمها عيسى في الطريق فقال : يا أماه، أبشري فإني عبد الله ومسيحه، فلما دخلت به على قومها وهم أهل بيت صالحون تباكوا وقالوا ذلك. وقيل : هموا برجمها حتى تكلم عيسى عليه السلام. فتركوها.
) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ صَبِيّاً (
مريم :( ٢٩ ) فأشارت إليه قالوا.....
) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ( أي هو الذي يجيبكم إذا ناطقتموه. وقيل : كان المستنطق لعيسى زكريا عليه السلام. وعن السدي : لما أَشارت إليه غضبوا وقالوا : لسخريتها بنا أشدّ علينا من زناها. وروي أنه كان يرضع، فلما سمع ذلك ترك الرضاع وأقبل عليهم بوجهه، واتكأ على يساره وأشار بسبابته. وقيل : كلمهم بذلك، ثم لم يتكلم حتى بلغ مبلغاً يتكلم فيه الصبيان ) كَانَ ( لإيقاع مضمون الجملة في زمان ماض مبهم يصلح لقريبه وبعيده، وهو ههنا لقريبه خاصة، والدال عليه مبنى الكلام، وأنه مسوق للتعجب. ووجه آخر : أن يكون ) نُكَلّمُ ( حكاية حال ماضية، أي : كيف عهد قبل عيسى أن يكلم الناس صبياً في المهد فيما سلف من الزمان حتى نكلم هذا.
) قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ ءَاتَانِىَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً وَجَعَلَنِى مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِى بِالصَّلَواةِ وَالزَّكَواةِ مَا دُمْتُ حَيّاً وَبَرّاً بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً وَالسَّلَامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً (
مريم :( ٣٠ ) قال إني عبد.....
أنطقه الله أوّلاً بأنه عبد الله رداً لقول النصارى و ) الْكِتَابِ ( هو الإنجيل. واختلفوا في نبوّته، فقيل : أعطيها في طفوليته : أكمل الله عقله، واستنبأه طفلاً نظراً في ظاهر الآية. وقيل : معناه إنّ ذلك سبق في قضائه. أو جعل الآتي لا محالة كأنه قد وجد ) مُبَارَكاً أَيْنَمَا كُنتُ ( عن رسول الله ( ﷺ ) :
( ٦٦١ ) ( نفَّاعَا حيثُ كنتُ ) وقيل : معلماً للخير. وقرىء ( وَبِرَّاً ) عن أبي نهيك، جعل ذاته برا لفرط بره. أو نصبه بفعل في معنى أوصاني وهو كلفني ؛ لأن أوصاني بالصلاة وكلفنيها واحد ) وَالسَّلَامُ عَلَىَّ ( قيل : أدخل لام التعريف لتعرفه بالذكر قبله،


الصفحة التالية
Icon