" صفحة رقم ١٧٥ "
ومن أجله. يقال : هو حق عالم، وجدّ عالم، أي : عالم حقاً وجداً. ومنه ) حَقَّ جِهَادِهِ (. فإن قلت : ما وجه هذه الإضافة، وكان القياس : حق الجهاد فيه، أو حق جهادكم فيه، كما قال :) وَجَاهِدُوا فِى اللَّهِ ( ؟ قلت : الأضافة تكون بأدنى ملابسة واختصاص، فلما كان الجهاد مختصاً بالله من حيث أنه مفعول لوجهه ومن أجله، صحت إضافته إليه. ويجوز أن يتسع في الظرف كقوله : وَيَوْماً شَهِدْنَاهُ سُلَيْماً وَعَامِراً ;
) اجْتَبَاكُمْ ( اختاركم لدينه ولنصرته ) وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِى الدّينِ مِنْ حَرَجٍ ( فتح باب التوبة للمجرمين، وفسح بأَنواع الرخص والكفارات والديات والأروش. ونحوه قوله تعالى :) يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ( ( البقرة : ١٨٥ ) وأمّة محمد ( ﷺ ) هي الأمة المرحومة الموسومة بذلك في المتب المتقدّمة.
نصب الملة بمضمون ما تقدّمها، كأنه قيل : وسع دينكم توسعة ملة أبيكم، ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. أو على الاختصاص، أي : أعني بالدين ملة أبيكم كقولك : الحمد الله الحميد. فإن قلت : لم يكن ) إِبْرَاهِيمَ ( أباً للأمّة كلها. قلت : هو أبو رسول الله ( ﷺ )، فكان أباً لأمته، لأنّ أمة الرسول في حكم أولاده ) هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِى هَاذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُواْ الصَّلَواةَ وَءَاتُواْ الزَّكَواةَ وَاعْتَصِمُواْ بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ( يرجع إلى الله تعالى. وقيل : إلى إبراهيم. ويشهد للقول الأوّل قراءة أبيّ بن كعب :( الله سماكم ) ) مِن قَبْلُ وَفِى هَاذَا ( أي من قبل القرآن في سائر الكتب وفي القرآن، أي : فضلكم على الأمم وسماكم بهذا الاسم الأكرم ) لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ ( أنه قد بلغكم ) وَتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ( بأنّ الرسل قد بلغتهم وإذ خصّكم بهذه الكرامة والأثرة. فاعبدوه وثقوا به ولا تطلبوا النصرة والولاية إلا منه، فهو خير مولى وناصر.