" صفحة رقم ١٩١ "
تلهياً وتعجباً، وهو المراد ههنا.
) ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِأايَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ (
المؤمنون :( ٤٥ ) ثم أرسلنا موسى.....
فإن قلت : ما المراد بالسلطان المبين ؟ قلت : يجوز أن تراد العصا، لأنها كانت أمّ آيات موسى وأُولاها، وقد تعلقت بها معجزات شتى : من انقلابها حية، وتلقفها ما أفكته السحرة، وانفلاق البحر، وانفجار العيون من الحجر بضربهما بها، وكونها حارساً، وشمعة، وشجرة خضراء مثمرة، ودلوا ورشاء. وجعلت كأنها ليست بعضها لما استبدت به من الفضل، فلذلك عطفت عليها كقوله تعالى :) وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ ( ( البقرة : ٩٨ ) ويجوز أن تراد الآيات أنفسها، أي : هي آيات وحجّة بيّنة ) عَالِينَ ( متكبرين ) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى الاْرْضِ ( ( القصص : ٤ )، ) لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى الاْرْضِ ( ( القصص : ٨٣ ) أو متطاولين على الناس قاهرين بالبغي والظلم.
) فَقَالُواْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ الْمُهْلَكِينَ (
المؤمنون :( ٤٧ ) فقالوا أنؤمن لبشرين.....
البشر يكون واحداً وجمعاً :) بَشَراً سَوِيّاً ( ( مريم : ١٧ )، ) لِبَشَرَيْنِ (، ) فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ ( ( مريم : ٢٦ ) و ( مثل ) و ( غير ) يوصف بهما : الاثنان، والجمع، والمذكر، والمؤنث :) إِنَّكُمْ إِذاً مّثْلُهُمْ ( ( النساء : ١٤٠ )، ) وَمِنَ الاْرْضِ مِثْلَهُنَّ ( ( الطلاق : ١٢ ) ويقال أيضاً : هما مثلاه، وهم أمثاله :) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ( ( الأعراف : ١٩٤ ). ) وَقَوْمُهُمَا ( يعني بني إسائيل، كأنهم يعبدوننا خضوعاً وتذللاً. أو لأنه كان يدعي الإلاهية فادعى للناس العبادة، وأن طاعتهم له عبادة على الحقيقة.
) وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (
المؤمنون :( ٤٩ ) ولقد آتينا موسى.....
) مُوسَى الْكِتَابَ ( أي قوم موسى التوراة ) لَعَلَّهُمْ ( يعملون بشرائعها ومواعظها، كما قال :) عَلَى خَوْفٍ مّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ ( ( يونس : ٨٣ ) يريد آل فرعون، وكما يقولون : هاشم، وثقيف، وتميم، ويراد قومهم. ولا يجوز أن يرجع الضمير في ) لَعَلَّهُمْ ( إلى فرعون وملئه، لأنّ التوراة إنما أوتيها بنو إسرائيل بعد إغراق فرعون وملئه :) وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الاْولَى ( ( القصص : ٤٣ ).
) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ءَايَةً وَءَاوَيْنَاهُمَآ إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (
المؤمنون :( ٥٠ ) وجعلنا ابن مريم.....
فإن قلت : لو قيل آيتين هل كان يكون له وجه ؟ قلت : نعم، لأنّ مريم ولدت من