" صفحة رقم ٣٠١ "
يريد : ومن يترك المعاصي ويندم عليها ويدخل في العمل الصالح فإنه بذلك تائب إلى الله ) مَتاباً ( مرضياً عنده مكفراً للخطايا محصلاً للثواب. أو فإنه تائب متاباً إلى الله الذي يعرف حق التائبين ويفعل بهم ما يستوجبون، والذي يحب التوابين ويحب المتطهرين. وفي كلام بعض العرب : لله أفرح بتوبة العبد من المضل الواجد، والظمآن الوارد، والعقيم الوالد. أو : فإنه يرجع إلى الله وإلى ثوابه مرجعاً حسناً وأيّ مرجع.
) وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّواْ كِراماً (
الفرقان :( ٧٢ ) والذين لا يشهدون.....
يحتمل أنهم ينفرون عن محاضر الكذابين ومجالس الخطائين فلا يحضرونها ولا يقربونها، تنزهاً عن مخالطة الشر وأهله، وصيانة لدينهم عما يثلمه : لأنّ مشاهد الباطل شركة فيه، ولذلك قيل في النظارة إلى كل ما لم تسوّغه الشريعة : هم شركاء فاعليه في الإثم ؛ لأنّ حضورهم ونظرهم دليل الرضا به، وسبب وجوده، والزيادة فيه ؛ لأن الذي سلط على فعله هو استحسان النظارة ورغبتهم في النظر إليه، وفي مواعظ عيسى بن مريم عليه السلام : إياكم ومجالسه الخطائين. ويحتمل أنهم لا يشهدون شهادة الزور، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وعن قتادة : مجالس الباطل. وعن ابن الحنفية : اللهو والغناء. وعن مجاهد : أعياد المشركين. اللغو : كل ما ينبغي أن يلغي ويطرح. والمعنى : وإذا مروا بأهل اللغو والمشتغلين به. مرّوا معرضين عنهم، مكرمين أنفسهم عن التوقف عليهم والخوض معهم، كقوله تعالى :) وَإِذَا سَمِعُواْ اللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِى الْجَاهِلِينَ ( ( القصص : ٥٥ ) وعن الحسن رضي الله عنه : لم تسفههم المعاصي. وقيل : إذا سمعوا من الكفار الشتم والأذى أعرضوا وصفحوا. وقيل : إذا ذكروا النكاح كنوا عنه.
) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِأايَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً (
الفرقان :( ٧٣ ) والذين إذا ذكروا.....
) لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا ( ليس بنفي للخرور. وإنما هو إثبات له، ونفي للصمم والعمى، كما تقول : لا يلقاني زيد مسلماً، هو نفي للسلام لا للقاء. والمعنى : أنهم إذا ذكروا بها أكبوا عليها حرصاً على استماعها. وأقبلوا على المذكر بها وهم في إكبابهم عليها، سامعون بآذان واعية، مبصرون بعيون راعية، لا كالذين يذكرون بها فتراهم مكبين عليها مقبلين على من يذكر بها، مظهرين الحرص الشديد على استماعها، وهم كالصم العميان حيث لا يعونها ولا يتبصرون ما فيها كالمنافقين وأشباههم.


الصفحة التالية
Icon