" صفحة رقم ٣٢٨ "
الرجل إذا امتحن بإرهاق ظالم نهضت جماعة وافرة من أهل بلده لشفاعته، رحمة له وحسبة، وإن لم يسبق له بأكثرهم معرفة. وأما الصديق وهو الصادق في ودادك الذي يهمه ما أهملك فأعز من بيض الأنوق. وعن بعض الحكماء أنه سئل عن الصديق فقال : اسم لا معنى له. ويجوز أن يريد بالصديق : الجمع. الكرّة : الرجعة إلى الدنيا. ولو في مثل هذا الموضع في معنى التمني، كأنه قيل : فليت لنا كرة. وذلك لما بين معنى ( لو ) و ( ليت ) من التلاقي في التقدير. ويجوز أن تكون على أصلها ويحذف الجواب، وهو : لفعلنا كيت وكيت.
) كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلاَ تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَآ أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (
الشعراء :( ١٠٥ ) كذبت قوم نوح.....
القوم : مؤنثة، وتصغيرها قويمة. ونظير قوله :) الْمُرْسَلِينَ ( والمراد نوح عليه السلام : قولك : فلان يركب الدواب ويلبس البرود، وماله إلا دابة وبرد. قيل : أخوهم ؛ لأنه كان منهم، من قول العرب : يا أخا بني تميم، يريدون : يا واحداً منهم. ومنه بيت الحماسة : لاَ يَسْأَلُونَ أَخَاهُمْ حِينَ يَنْدُبُهُم
في النَّائِبَاتِ عَلَى مَا قَالَ بُرْهَانَا
كان أميناً فيهم مشهوراً بالأمانة، كمحمد ( ﷺ ) في قريش ) وَأَطِيعُونِ ( في نصحي لكم وفيما أدعوكم إليه من الحق ) عَلَيْهِ ( على هذا الأمر، وعلى ما أنا فيه، يعني : دعاءه ونصحه ومعنى :) فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ( : فاتقوا الله في طاعتي، وكرره ليؤكده عليهم ويقرّره في نفوسهم، مع تعليق كل واحدة منهما بعلة، جعل علة الأوّل كونه أميناً فيما


الصفحة التالية
Icon