" صفحة رقم ٣٤٠ "
الأعجمي، لتجافوا عنه أصلاً، ولقالوا : ما نصنع بمالاً نفهمه فيتعذر الإنذار به وفي هذا الوجه : أن تنزيله بالعربية التي هي لسانك ولسان قومك تنزيل له على قلبك، لأنك تفهمه ويفهمه قومك. ولو كان أعجمياً لكان نازلاً على سمعك دون قلبك، لأنك تسمع أجراس حروف لا تفهم معانيها ولا تعيها، وقد يكون الرجل عارفاً بعدّة لغات، فإذا كلم بلغته التي لقنها أولاً ونشأ عليها وتطبع بها، لم يكن قلبه إلا إلى معاني الكلام يتلقاها بقلبه ولا يكاد يفطن للألفاظ كيف جرت، وإن كلم بغير تلك اللغة وإن كان ماهراً بمعرفتها كان نظره أولاً في ألفاظها ثم في معانيها، فهذا تقرير أنه نزل على قلبه لنزوله بلسان عربي مبين ) وَأَنَّهُ ( وإن القرآن يعني ذكره مثبت في سائر الكتب السماوية. وقيل : إن معانيه فيها. وبه يحتج لأبي حنيفة في جواز القراءة بالفارسية في الصلاة على أن القرآن قرآن إذا ترجم بغير العربية حيث قيل :) وَإِنَّهُ لَفِى زُبُرِ الاْوَّلِينَ ( لكون معانيه فيها. وقيل : الضمير لرسول الله ( ﷺ ) وكذلك في ) أَن يَعْلَمَهُ ( وليس بواضح.
) أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ ءَايَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِى إِسْرَاءِيلَ (
الشعراء :( ١٩٧ ) أو لم يكن.....
وقرىء :( يكن )، بالتذكير. وآية، بالنصب على أنها خبره، و ) أَن يَعْلَمَهُ ( هو الاسم. وقرىء :( تكن ) بالتأنيث، وجعلت ) ءايَةً ( اسما، و ) أَن يَعْلَمَهُ ( خبراً، وليست كالأولى لوقوع النكرة اسماً والمعرفة خبراً، وقد خرّج لها وجه آخر ليتخلص من ذلك، فقيل : في ) تَكُنْ ( ضمير القصة، و ) أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء ( جملة واقعة موقع الخبر. ويجوز على هذا أن يكون ) لَّهُمْ ءايَةً ( هي جملة الشأن، ) أَن يَعْلَمَهُ ( بدلاً عن آية. ويجوز مع نصب الآية تأنيث ) تَكُنْ ( كقوله تعالى :) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ( ( الأنعام : ٢٣ ) ومنه بيت لبيد : فَمَضَى وَقَدَّمَهَا وَكَانَتْ عَادة
مِنْهُ إِذَا هِيَ عَرَّدَتْ أَقْدَامَهَا
وقرىء :( تعلمه )، بالتاء. ) مَعِىَ بَنِى إِسْراءيلَ ( : عبد الله بن سلام وغيره. قال الله تعالى :) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُواْ ءامَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبّنَا إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ( ( القصص : ٥٣ ). فإن قلت : كيف خط في المصحف ) يَعْلَمَهُ ( بواو قبل الألف ؟ قلت : خط على لغة من يميل الألف إلى الواو وعلى هذه اللغة كتبت الصلوة والزكوة والربوا.
) وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الاٌّ عْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ كَذَلِكَ


الصفحة التالية
Icon