" صفحة رقم ٣٤٥ "
ثم أَنْذَرَهُم فقالَ :( يا بني عبدِ المطلبِ، لو أَخبرتُكَم أَنّ بسفحِ هذا الجبلِ خيلاً أكُنْتُمْ مُصَدّقي ؟ قالوا : نَعَمْ. قالَ : فَإِني نَذيرٌ لَكُمْ بينَ يَديَ عذابٌ شديدٌ )، ورُوي أَنّهُ قَالَ :
( ٧٨٨ ) يا بني عبدِ المطلب، يا بني هاشم، يا بني عبد مناف، افتدُوا أنفسَكم منَ النارِ فإنّي لا أغني عنكم شيئاً ) ثم قال :( يا عائشةُ بنتَ أبي بكر، ويا حفصةُ بنتَ عمر، ويا فاطمةُ بنتَ محمدٍ، ويا صفيةَ عمةَ محمد، اشترين أنفسكنّ منَ النار فإنيّ لا أغني عنكنّ شيئاً ).
) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّى بَرِىءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ (
الشعراء :( ٢١٥ ) واخفض جناحك لمن.....
الطائر إذا أراد أن ينحط للوقوع كسر جناحه وخفضه، وإذا أراد أن ينهض للطيران رفع جناحه، فجعل خفض جناحه عند الانحطاط مثلاً في التواضع ولين الجانب، ومنه قول بعضهم : وَأَنْتَ الشَّهِيرُ بِخَفْضِ الْجَنَاح
فَلاَ تَكُ فِي رَفْعِهِ أَجْدَلاَ
ينهاه عن التكبر بعد التواضع. فإن قلت : المتبعون للرسول هم المؤمنون، والمؤمنون هم المتبعون للرسول، فما قوله :) لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ( ؟ قلت : فيه وجهان : أن يسميهم قبل الدخول في الإيمان مؤمنين لمشارفتهم ذلك، وأن يريد بالمؤمنين المصدّقين بألسنتهم، وهم صنفان : صنف صدّق واتبع رسول الله فيما جاء به، وصنف ما وجد منه إلا التصديق فحسب، ثم إمّا أن يكونوا منافقين أو فاسقين، والمنافق والفاسق لا يخفض لهما الجناح. والمعنى : من المؤمنين من عشيرتك وغيرهم، يعني : أنذر قومك فإن اتبعوك وأطاعوك فاخفض لهم جناحك، وإن عصوك ولم يتبعوك فتبرأ منهم ومن أعمالهم من الشرك بالله وغيره.
) وَتَوكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِى يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِى السَّاجِدِينَ إِنَّهُ