" صفحة رقم ٣٦٧ "
أمر بالسجود، والأخرى ذم للتارك. وقد اتفق أبو حنيفة والشافعي رحمهما الله على أنّ سجدات القرآن أربع عشرة، وإنما اختلفا في سجدة ص : فهي عند أبي حنيفة سجدة تلاوة. وعند الشافعي : سجدة شكر. وفي سجدتي سورة الحج وما ذكره الزجاج من وجوب السجدة مع التخفيف دون التشديد، فغير مرجوع إليه. فإن قلت : هل يفرق الواقف بين القراءتين ؟ قلت : نعم إذا خفف وقف على ) فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ ( ثم ابتداء ) أَلاَّ يَسْجُدُواْ (، وإن شاء وقف على ( ألايا ) ثم ابتدأ ) يَسْجُدُواْ ( وإذا شدّد لم يقف إلا على ) الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (. فإن قلت : كيف سوّى الهدهد بين عرش بلقيس وعرش الله في الوصف بالعظم ؟ قلت : بين الوصفين بون عظيم، لأنّ وصف عرشها بالعظم : تعظيم له بالإضافة إلى عروش أبناء جنسها من الملوك. ووصف عرش الله بالعظم : تعظيم له بالنسبة إلى سائر ما خلق من السماوات والأرض. وقرىء :( العظيم ) بالرفع.
) قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ اذْهَب بِّكِتَابِى هَاذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (
النمل :( ٢٧ ) قال سننظر أصدقت.....
) سَنَنظُرُ ( من النظر الذي هو التأمل والتصفح. وأراد : أصدقت أم كذبت، إلا أن ) كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ( أبلغ، لأنه إذا كان معروفاً بالانخراط في سلك الكاذبين كان كاذباً لا محالة، وإذا كان كاذباً اتهم بالكذب فيما أخبر به فلم يوثق به، ) تَوَلَّ عَنْهُمْ ( تنح عنهم إلى مكان قريب تتوارى فيه، ليكون ما يقولونه بمسمع منك. و ) يَرْجِعُونَ ( من قوله تعالى :) يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ ( ( سبأ : ٣١ ) فيقال : دخل عليها من كوّة فألقى الكتاب إليها وتوارى في الكوّة. فإن قلت : لم قال : فألقه إليهم، على لفظ الجمع ؟ قلت : لأنه قال : وجدتها وقومها يسجدون للشمس، فقال : فألقه إلى الذين هذا دينهم، اهتماماً منه بأمر الدين، واشتغالاً به عن غيره. وبني الخطاب في الكتاب على لفظ الجمع لذلك.
) قَالَتْ ياأَيُّهَا الْمَلأُ إِنَّى أُلْقِىَ إِلَىَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَىَّ وَأْتُونِى مُسْلِمِينَ (
النمل :( ٢٩ ) قالت يا أيها.....
) كَرِيمٌ ( حسن مضمونة وما فيه، أو وصفته بالكرم، لأنه من عند ملك كريم أو مختوم. قال ( ﷺ ) :