" صفحة رقم ٤١٠ "
معناه كما أني إن طولبت بالزيادة على العشر كان عدواناً لا شك فيه، فكذلك إن طولبت بالزيادة على الثمان. أراد بذلك تقرير أمر الخيار، وأنه ثابت مستقرّ، وأن الأجلين على السواء : إما هذا وإما هذا من غير تفاوت بينهما في القضاء وأما التتمة فموكولة إلى رأيي : إن شئت أتيت بها، وإلا لم أجبر عليها. وقيل : معناه فلا أكون متعدّياً، وهو في نفي العدوان عن نفسه، كقولك : لا إثم عليّ، ولا تبعة عليّ. وفي قراءة ابن مسعود : أي الأجلين ما قضيت. وقرىء :( أيما ) بسكون الياء، كقوله : تنَظَّرْتُ نَصْراً وَالسِّمَاكَيْنِ أَيْهُمَا
عَلَيَّ مِنَ الْغَيْثِ اسْتُهِلَّتْ مَوَاطِرُهْ
وعن ابن قطيب : عدوان، بالكسر. فإن قلت : فإن قلت : ما الفرق بين موقعي ( ما ) المزيدة في القراءتين ؟ قلت : وقعت في المستفيضة مؤكدة لإبهام، أيّ : زائدة في شياعها : وفي الشاذة تأكيداً للقضاء، كأنه قال : أي الأجلين صممت على قضائه وجردت عزيمتي له. الوكيل : الذي وكل إليه الأمر، ولما استعمل في موضع الشاهد والمهيمن والمقيت، عدي بعلى لذلك. روي أنّ شعيباً كانت عنده عصى الأنبياء فقال لموسى بالليل : ادخل ذلك البيت فخذ عصا من تلك العصي. فأخذ عصا هبط بها آدم من الجنة، ولم يزل الأنبياء يتوارثونها حتى وقعت إلى شعيب، فمسها وكان مكفوفاً، فضنّ بها فقال : غيرها، فما وقع في يده إلا هي سبع مرات، فعلم أنّ له شأناً. وقيل : أخذها جبريل بعد موت آدم فكانت معه حتى لقي بها موسى ليلاً. وقيل : أودعها شعيباً ملك في صورة رجل، فأمر بنته أن تأتيه بعصا، فأتته بها فردها سبع مرّات فلم يقع في يدها غيرها، فدفعها إليه ثم ندم لأنها وديعة، فتبعه فاختصما فيها، ورضيا أن يحكم بينهما أوّل طالع، فأتاهما الملك فقال : ألقياها فمن رفعها فهي له، فعالجها الشيخ فلم يطقها ؛ ورفعها موسى. وعن الحسن : ما كانت إلا عصا من الشجر اعترضها اعتراضاً. وعن الكلبي : الشجرة التي منها نودي شجرة العوسج، ومنها كانت عصاه. ولما أصبح قال له شعيب : إذا بلغت مفرق الطريق فلا تأخذ على يمينك، فإنّ الكلأ وإن كان بها أكثر، إلا أنّ فيها تنيناً أخشاه عليك وعلى الغنم، فأخذت الغنم ذات اليمين ولم يقدر على عنها، فمشى على أثرها فإذا عشب وريف لم ير مثله، فنام فإذا بالتنين قد أقبل، فحاربته العصا حتى قتلته وعادت إلى جنب موسى دامية، فلما أبصرها دامية والتنين مقتولاً أرتاح لذلك،