" صفحة رقم ٤١٥ "
اشتدادها بالشتداد العضد، فجعل كأنه يد مشتدة بعضد شديدة ) سُلْطَاناً ( غلبة وتسلطا. أو حجة واضحة ) بِأايَاتِنَآ ( متعلق بنحو ما تعلق به في تسع آيات، أي اذهبا بآياتنا. أو بنجعل لكما سلطانا، أي : نسلطكما بآياتنا. أو بلا يصلون، أي : تمتنعون منهم بآياتنا. أو هو بيان للغالبون لا صلة، لامتناع تقدم الصلة على الموصول. ولو تأخر : لم يكن إلا صله له. ويجوز أن يكون قسماً جوابه : لا يصلون، مقدماً عليه. أو من لغو القسم.
) فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَى بِأايَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَاذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَاذَا فِىءَابَآئِنَا الاٌّ وَّلِينَ (
القصص :( ٣٦ ) فلما جاءهم موسى.....
) سِحْرٌ مُّفْتَرًى ( سحر تعمله أنت ثم تفتريه على الله. أو سحر ظاهر افتراؤه. أو موصوف بالافتراء كسائر أنواع السحر وليس بمعجزة من عند الله ) وَإِذَا رَأَيْتَ ( حال منصوبة عن هذا، أي : كائناً في زمانهم وأيامهم، يريد : ما حدثنا بكونه فيهم، ولا يخلو من أن يكونوا كاذبين في ذلك، وقد سمعوا وعلموا بنحوه. أو يريدوا أنهم لم يسمعوا بمثله في فظاعته. أو ما كان الكهان يخبرون بظهور موسى ومجيئه بما جاء به. وهذا دليل على أنهم حجوا وبهتوا، وما وجدوا ما يدفعون به ما جاءهم من الآيات إلا قولهم هذا سحر وبدعة لم يسمعوا بمثلها.
) وَقَالَ مُوسَى رَبِّى أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بِالْهُدَى مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (
القصص :( ٣٧ ) وقال موسى ربي.....
يقول :) رَّبّى أَعْلَمُ ( منكم بحال من أهله الله للفلاح الأعظم، حيث جعله نبياً وبعثه بالهدى، ووعده حسن العقبى : يعني نفسه، ولو كان كما تزعمون كاذباً ساحراً مفترياً لما أهله لذلك، لأنه غني حكيم لا يرسل الكاذبين، ولا ينبىء الساحرين، ولا يفلح عنده الظالمون. و ) عَاقِبَةُ الدَّارِ ( هي العاقبة المحمودة. والدليل عليه قوله تعالى :) أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتِ عَدْنٍ ( وقوله :) وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ ( ( الرعد : ٤٢ ) والمراد بالدار : الدنيا، وعاقبتها وعقباها : أن يختم للعبد بالرحمة والرضوان وتلقي الملائكة بالبشرى عند الموت. فإن قلت : العاقبة المحمودة والمذمومة كلتاهما يصح أن تسمى عاقبة الدار ؛ لأنّ الدنيا إمّا أن تكون خاتمتها بخير أو بشر، فلم اختصت خاتمتها بالخير بهذه التسمية دون خاتمتها بالشر ؟ قلت : قد وضع الله سبحانه الدنيا مجازاً إلى الآخرة وأراد بعباده أن لا يعملوا فيها إلا الخير، وما خلقهم إلا لأجله ليتلقوا خاتمة الخير وعاقبة الصدق، ومن عمل فيها خلاف ما وضعها الله فقد حرف ؛ فإذاً عاقبتها الأصلية هي


الصفحة التالية
Icon