" صفحة رقم ٤٣ "
يقول : إن صحت هذه الرواية فهي كلا التي هي للردع، قلب الواقف عليها ألفها نوناً كما في قواريراً. والضمير في ) سَيَكْفُرُونَ ( للآلهة، أي : سيجحدون عبادتهم وينكرونها ويقولون : والله ما عبدتمونا وأنتم كاذبون. قال الله تعالى :) وَإِذَا رَءا الَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَؤُلآء شُرَكَآؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ( ( النحل : ٨٦ ) أو للمشركين : أي ينكرون لسوء العاقبة أن يكونوا قد عبدوها. قال الله تعالى :) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللَّهِ رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ( ) عَلَيْهِمْ ضِدّاً ( في مقابلة ) لَهُمْ عِزّاً ( والمراد ضدّ العز وهو الذل والهوان، أي : يكونون عليهم ضداً لما قصدوه وأرادوه، كأنه قيل : ويكونون عليهم ذلاً، لا لهم عزاً أو يكونون عليهم عوناً، والضدّ : العون. يقال من أضدادكم : أي أعوانكم وكأن العون سمي ضداً لأنه يضاد عدوك وينافيه بإعانته لك عليه. فإن قلت : لم وحد ؟ قلت : وحد توحيده قوله عليه الصلاة والسلام :
( ٦٧٦ ) ( وهم يدٌ على من سواهم ) لاتفاق كلمتهم، وأنهم كشيء واحد لفرط تضامهم وتوافقهم ومعنى كون الآلهة عون عليهم : أنهم وقود النار وحَصَبُ جهنم، ولأنهم عذبوا بسبب عبادتها وإن رجعت الواو في سيكفرون ويكونون إلى المشركين، فإن المعنى : ويكونون عليهم أي أعداءهم ضداً، أي : كفرة، بعد أن كانوا يعبدونها.
) أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً (
مريم :( ٨٣ ) ألم تر أنا.....
الأز، والهزّ، والاستفزاز : أخوات، ومعناها التهييج وشدة الإزعاج، أي : تغريهم على المعاصي وتهيجهم لها بالوساوس والتسويلات. والمعنى : خلينا بينهم وبينهم ولم نمنعهم ولو شاء لمنعهم قسراً، والمراد تعجيب رسول الله ( ﷺ ) بعد الآيات التي ذكر فيها العتاة والمردة من الكفار، وأقاويلهم، وملاحتهم، ومعاندتهم للرسل، واستهزاؤهم بالدين : من تماديهم في الغيِّ وإفراطهم في العناد، وتصميمهم على الكفر، واجتماعهم


الصفحة التالية
Icon