" صفحة رقم ٤٤٠ "
يتدبر قوله :) وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ( كما تدبره عليّ والفضيل وعمر.
) مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (
القصص :( ٨٤ ) من جاء بالحسنة.....
معناه : فلا يجزون، فوضع ) الَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيّئَاتِ ( موضع الضمير ؛ لأن في إسناد عمل السيئة إليهم مكرراً. فضل تهجين لحالهم، وزيادة تبغيض للسيئة إلى قلوب السامعين ) إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ( إلا مثل ما كانوا يعملون، وهذا من فضله العظيم وكرمه الواسع أن لا يجزي السيئة إلا بمثلها، ويجزي الحسنة بعشر أمثالها وبسبعمائة، وهو معنى قوله :) فَلَهُ خَيْرٌ مّنْهَا (.
) إِنَّ الَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّى أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ (
القصص :( ٨٥ ) إن الذي فرض.....
) فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْءانَ ( أوجب عليك تلاوته وتبليغه والعمل بما فيه، يعني : أن الذي حملك صعوبة هذا التكليف لمثيبك عليها ثواباً لا يحيط به الوصف. و ) لَرَادُّكَ ( بعد الموت ) إِلَى مَعَادٍ ( أي معاد ليس لغيرك من البشر وتنكير المعاد لذلك : وقيل. المراد به مكة : ووجهه أن يراد رده إليها يوم الفتح : ووجه تنكيره أنها كانت في ذلك اليوم معاداً له شأن، ومرجعاً له اعتداد ؛ لغلبة رسول الله ( ﷺ ) عليها، وقهره لأهلها، ولظهور عز الإسلام وأهله وذل الشرك وحزبه. والسورة مكية، فكأن الله وعده وهو بمكة في أذى وغلبة من أهلها : أنه يهاجر به منها، ويعيده إليها ظاهراً ظافراً. وقيل : نزلت عليه حين بلغ الجحفة في مهاجره. وقد اشتاق إلى مولده ومولد آبائه وحرم إبراهيم، فنزل جبريل فقال له : أتشتاق إلى مكة ؟ قال : نعم، فأوحاها إليه. فإن قلت : كيف اتصل قوله تعالى :) قُل رَّبّى أَعْلَمُ ( بما قبله ؟ قلت : لما وعد رسوله الردّ إلى معاد، قال : قل للمشركين :) رَّبّى أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى ( يعني نفسه وما يستحقه من الثواب في معاده ) وَمَنْ هُوَ فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ ( يعنيهم وما يستحقونه من العقاب في معادهم.
) وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ (
القصص :( ٨٦ ) وما كنت ترجو.....
فإن قلت : قوله :) إِلاَّ رَحْمَةً مّن رَّبّكَ ( ما وجه الاستثناء فيه ؟ قلت : هذا كلام


الصفحة التالية
Icon