" صفحة رقم ٤٤٥ "
على ما كان يأتي ويذر، فإما أن يلقاه ببشر وترحيب لما رضي من أفعاله، أو بضد ذلك لما سخطه منها، فمعنى قوله :) مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ ( : من كان يأمل تلك الحال. وأن يلقى فيها الكرامة من الله والبشر ) فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ ( وهو الموت ) لآتٍ ( لا محالة ؛ فليبادر العمل الصالح الذي يصدق رجاءه، ويحقق أمله، ويكتسب به القربة عند الله والزلفى ) وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( الذي لا يخفى عليه شيء مما يقوله عباده ومما يفعلونه، فهو حقيق بالتقوى والخشية. وقيل :) يَرْجُو ( : يخاف من قول الهذلي في صفة عسّال : إِذَا لَسَعْتُه الدَّبْرُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَهَا ;
فإن قلت : فإن أجل الله لآت، كيف وقع جواباً للشرط ؟ قلت : إذا علم أن لقاء الله عنيت به تلك الحال الممثلة والوقت الذي تقع فيه تلك الحال هو الأجل المضروب للموت : فكأنه قال : من كان يرجو لقاء الله فإن لقاء الله لآت، لأن الأجل واقع فيه اللقاء، كما تقول : من كان يرجو لقاء الملك فإن يوم الجمعة قريب، إذا علم أنه يقعد للناس يوم الجمعة.
) وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِىٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (
العنكبوت :( ٦ ) ومن جاهد فإنما.....
) وَمَن جَاهَدَ ( نفسه في منعها ما تأمر به وحملها على ما تأباه ) فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ ( لها، لأن منفعة ذلك راجعة إليها، وإنما أمر الله عز وجل ونهى، رحمة لعباده وهو الغني عنهم وعن طاعتهم.
) وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ (
العنكبوت :( ٧ ) والذين آمنوا وعملوا.....
إما أن يريد قوماً مسلمين صالحين قد أساءوا في بعض أعمالهم وسيئاتهم مغمورة بحسناتهم فهو يكفرها عنهم، أي يسقط عقابها بثواب الحسنات ويجزيهم أحسن الذي كانوا يعملون، أي : أحسن جزاء أعمالهم : وإما قوماً مشركين آمنوا وعملوا الصالحات، فالله عز وجل يكفر سيئاتهم بأن يسقط عقاب ما تقدم لهم من الكفر والمعاصي ويجزيهم أحسن جزاء أعمالهم في الإسلام.


الصفحة التالية
Icon