" صفحة رقم ٤٥٠ "
قيل كما قلت، لجاز أن يتوهم إطلاق هذا العدد على أكثره، وهذا التوهم زائل مع مجيئه كذلك، وكأنه قيل : تسعمائة وخمسين سنة كاملة وافية العدد، إلا أنّ ذلك أخصر وأعذب لفظاً وأملأ بالفائدة، وفيه نكتة أخرى : وهي أنّ القصة مسوقة لذكر ما ابتلي به نوح عليه السلام من أمّته وما كابده من طول المصابرة، تسلية لرسول الله ( ﷺ ) وتثبيتاً له، فكان ذكر رأس العدد الذي لا رأس أكثر منه، أوقع وأوصل إلى الغرض من استطالة السامع مدّة صبره. فإن قلت : فلم جاء المميز أوّلاً بالسنة وثانياً بالعام ؟ قلت : لأنّ تكرير اللفظ الواحد في الكلام الواحد حقيق بالاجتناب في البلاغة، إلا إذا وقع ذلك لأجل غرض ينتحيه المتكلم من تفخيم أو تهويل أو تنويه أو نحو ذلك. و ) الطُّوفَانَ ( ما أطاف وأحاط بكثرة وغلبة، من سيل أو ظلام ليل أو نحوهما. قال العجاج : وَغَمَّ طُوفَانُ الظَّلاَمِ الأَثْأَبَا ;
) أَصْحَابُ السَّفِينَةِ ( كانوا ثمانية وسبعين نفساً : نصفهم ذكور، ونصفهم إناث، منهم أولاد نوح عليه السلام : سام، وحام، ويافث، ونساؤهم. وعن محمد بن إسحاق : كانوا عشرة. خمسة رجال وخمس نسوة. وقد روى عن النبيّ ( ﷺ ) :
( ٨٢٥ ) ( كانوا ثمانية : نوح وأهله وبنوه الثلاثة ) والضمير في ) وَجَعَلْنَاهَا ( للسفينة أو للحادثة والقصة.
) وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذالِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ


الصفحة التالية
Icon