" صفحة رقم ٤٥٩ "
ولقائل أن يقول : مثل المشرك الذي يعبد الوثن بالقياس إلى المؤمن الذي يعبد الله، مثل عنكبوت يتخذ بيتاً، بالإضافة إلى رجل يبني بيتاً بآجر وجص أو ينحته من صخر، وكما أن أوهن البيوت إذا استقريتها بيتاً بيتاً بيت العنكبوت، كذلك أضعف الأديان إذا استقريتها ديناً ديناً عبادة الأوثان لو كانوا يعلمون. قرىء :( تدعون ) بالتاء والياء. وهذا توكيد للمثل وزيادة عليه، حيث لم يجعل ما يدعونه شيئاً ) وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( فيه تجهيل لهم حيث عبدوا ما ليس بشيء ؛ لأنه جماد ليس معه مصحح العلم والقدرة أصلاً، وتركوا عبادة القادر القاهر على كل شيء، الحكيم الذي لا يفعل شيئاً إلا بحكمة وتدبير.
) وَتِلْكَ الاٌّ مْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ الْعَالِمُونَ (
العنكبوت :( ٤٣ ) وتلك الأمثال نضربها.....
كان الجهلة والسفهاء من قريش يقولون إنُّ ربّ محمد يضرب المثل بالذباب والعنكبوت، ويضحكون من ذلك، فلذلك قال :) وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ ( أي لا يعقل صحتها وحسنها وفائدتها إلا هم، لأنّ الأمثال والتشبيهات إنما هي الطرق إلى المعاني المحتجبة في الأستار حتى تبرزها وتكشف عنها وتصوّرها للأفهام، كما صوّر هذا التشبيه الفرق بين حال المشرق وحال الموحد وعن النبي ( ﷺ ) أنه تلا هذه الآية فقال :
( ٨٢٦ ) ( العالمُ مَنْ عقلَ عنِ اللَّهِ فعملَ بطاعَتِهِ واجتنبَ سخطهِ ) :
) خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِى ذالِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ (
العنكبوت :( ٤٤ ) خلق الله السماوات.....
) بِالْحَقّ ( أي بالغرض الصحيح الذي هو حق لا باطل، وهو أن تكونا مساكن عبادة وعبرة للمعتبرين منهم، ودلائل على عظم قدرته : ألا ترى إلى قوله :) إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ( ونحوه قوله تعالى :) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ( ( ص : ٢٧ ) ثم قال :) ذالِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ ( ( ص : ٢٧ ).
) اتْلُ مَا أُوْحِىَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَواةَ إِنَّ الصَّلَواةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ( ٧ )
العنكبوت :( ٤٥ ) اتل ما أوحي.....