" صفحة رقم ٤٦٩ "
أبيت قبول النصيحة، فأنت أهل ليقال لك : افعل ما شئت وتبعث عليه، ليتبين لك إذا فعلت صحة رأي الناصح وفساد رأيك.
) أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءامِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (
العنكبوت :( ٦٧ ) أو لم يروا.....
كانت العرب حول مكة يغزو بعضهم بعضاً، ويتغاورون، ويتناهبون، وأهل مكة قارّون آمنون فيها، لا يغزون ولا يغار عليهم مع قلتهم وكثرة العرب، فذكرهم الله هذه النعمة الخاصة عليهم، ووبخهم بأنهم يؤمنون بالباطل الذي هم عليه، ومثل هذه النعمة المكشوفة الظاهرة وغيرها من النعم التي لا يقدر عليها إلا الله وحده مكفورة عندهم.
) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ (
العنكبوت :( ٦٨ ) ومن أظلم ممن.....
افتراؤهم على الله كذباً : زعمهم أن لله شريكاً. وتكذيبهم بما جاءهم من الحق : كفرهم بالرسول والكتاب. وفي قوله :) لَمَّا جَاءهُ ( تسفيه لهم، يعني : لم يتلعثموا في تكذيبه وقت سمعوه، ولم يفعلوا كما يفعل المراجيح العقول المثبتون في الأمور : يسمعون الخبر فيستعملون فيه الروية والفكر. ويستأنسون إلى أن يصح لهم صدقه أو كذبه ) أَلَيْسَ ( تقرير لثوائهم في جهنم، كقوله : أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا ;
قال بعضهم : ولو كان استفهاماً ما أعطاه الخليفة مائة من الإبل. وحقيقته : أن الهمزة همزة الإنكار دخلت على النفي، فرجع إلى معنى التقرير، فهما وجهان، أحدهما : ألا يثوون في جهنم، وألا يستوجبون الثواء فيها، وقد افتروا مثل هذا الكذب على الله، وكذبوا بالحق هذا التكذيب والثاني : ألم يصح عندهم أن في جهنم مثوى للكافرين، حتى اجترؤوا مثل هذه الجرأة ؟.
) وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (
العنكبوت :( ٦٩ ) والذين جاهدوا فينا.....
أطلق المجاهدة ولم يقيدها بمفعول. ليتناول كل ما يجب مجاهدته من النفس