" صفحة رقم ٤٧٢ "
الخبر مكة فشق على النبي ( ﷺ ) والمسلمين ؛ لأن فارس مجوس لا كتاب لهم والروم أهل الكتاب، وفرح المشركون وشمتوا وقالوا : أنتم والنصارى أهل الكتاب، ونحن وفارس أميون، وقد ظهر إخواننا على إخوانكم، ولنظهرنّ نحن عليكم، فنزلت. فقال لهم أبو بكر رضي الله عنه : لا يقرّر الله أعينكم، فوالله لتظهرنّ الروم على فارس بعد بضع سنين فقال له أبيّ بن خلف : كذبت يا أبا فصيل، اجعل بيننا أجلاً أُناحبك عليه. والمناحبة : المراهنة فناحبه على عشر قلائص من كل واحد منهما، وجعلا الأجل ثلاث سنين، فأخبر أبو بكر رضي الله عنه رسول الله ( ﷺ ) فقال : البضع ما بين الثلاث إلى التسع، فزايده في الخطر ومادّه في الأجل. فجعلاها مائة قلوص إلى تسع سنين. ومات أُبيُّ من جرح رسول الله، وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية، وذلك عند رأس سبع سنين. وقيل :
( ٨٣٧ ) كان النصر يوم بدر للفريقين، فأخذ أبو بكر الخطر من ذرية أبي، وجاء به إلى رسول الله ( ﷺ ) فقال : تصدّق به. وهذه الآية من الآيات البينة الشاهدة على صحة النبوّة، وأن القرآن من عند الله لأنها إنباء عن علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله. وقرىء :( غلبهم ) بسكون اللام. والغلب والغلب مصدران كالجلب والجلب، والحلب والحلب. وقريء :( غلبت الروم ) بالفتح، وسيغلبون، بالضم. ومعناه أن الروم غلبوا على ريف الشام وسيغلبهم المسلمون في بضع سنين. وعند انقضاء هذه المدّة أخذ المسلمون في جهاد الروم، وإضافة غلبهم تختلف باختلاف القراءتين، فهي في إحداهما إضافة المصدر إلى المفعول. وفي الثانية إضافته إلى الفاعل. ومثالهما ) مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ ( ( البقرة : ٨٥ )، ) وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ( ( الحج : ٤٧ ). فإن قلت : كيف صحت المناحبة وإنما هي قمار ؟ قلت : عن قتادة رحمه الله تعالى أنه كان ذلك قبل تحريم القمار. ومن


الصفحة التالية
Icon