" صفحة رقم ٤٧٩ "
) وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لأَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (
الروم :( ٢٠ ) ومن آياته أن.....
) خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ ( لأنه خلق أصلهم منه. و ) إِذَا ( للمفاجأة. وتقديره : ثم فاجأتهم وقت كونكم بشراً منتشرين في الأرض. كقوله :) وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء ( ( النساء : ١ )، ) مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْواجاً ( لأنّ حوّاء خلقت من ضلع آدم عليه السلام، والنساء بعدها خلقن من أصلاب الرجال. أو من شكل أنفسكم وجنسها، لا من جنس آخر، وذلك لما بين الاثنين من جنس واحد من الألف والسكون، وما بين الجنسين المختلفين من التنافر ) وَجَعَلَ بَيْنَكُم ( التوادّ والتراحم بعصمة الزواج، بعد أن لم تكن بينكم سابقة معرفة، ولا لقاء، ولا سبب يوجب التعاطف من قرابة أو رحم. وعن الحسن رضي الله عنه : المودة كناية عن الجماع، والرحمة عن الولد، كما قال :) وَرَحْمَةً مّنَّا ( ( مريم : ٢١ ) وقال :) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبّكَ عَبْدَهُ ( ( مريم : ٢ ). ويقال : سكن إليه، إذا مال إليه، كقولهم : انقطع إليه، واطمأن إليه ومنه السكن. وهو الألف المسكون إليه. فعل بمعنى مفعول. وقيل : إن المودة والرحمة من قبل الله وإن الفرك من قبل الشيطان.
) وَمِنْ ءَايَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِى ذالِكَ لأَيَاتٍ لِّلْعَالَمِينَ (
الروم :( ٢٢ ) ومن آياته خلق.....
الألسنة : اللغات، أو أجناس النطق وأشكاله. خالف عزّ وعلا بين هذه الأشياء حتى لا تكاد تسمع منطقين متفقين في همس واحد، ولا جهارة، ولا حدّة، ولا رخاوة، ولا فصاحة، ولا لكنة، ولا نظم، ولا أسلوب، ولا غير ذلك من صفات النطق وأحواله، وكذلك الصور وتخطيطها، والألوان وتنويعها، ولاختلاف ذلك وقع التعارف، وإلا فلو اتفقت وتشاكلت وكانت ضرباً واحداً لوقع التجاهل والالتباس، ولتعطلت مصالح كثيرة، وربما رأيت توأمين يشتبهان في الحلية، فيعروك الخطأ في التمييز بينهما، وتعرف حكمة الله في المخالفة بين الحليّ وفي ذلك آية بينة حيث ولدوا من أب واحد، وفرّعوا من أصل فذ، وهم على الكثرة التي لا يعلمها إلا الله مختلفون متفاوتون. وقريء ( للعالمين ) بفتح اللام وكسرها، ويشهد للكسر قوله تعالى :) وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ ( ( العنكبوت : ٤٣ ).