" صفحة رقم ٥١٥ "
بالصعود إلا الخالص ودل عليه قوله على أثره ) قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ( ( الأعراف : ١٠ )، ( المؤمنون : ٧٨ ) أو يدبر أمر الدنيا كلها من السماء إلى الأرض : لكل يوم من أيام الله وهو ألف سنة، كما قال :) وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مّمَّا تَعُدُّونَ ( ( الحج : ٤٧ )، ) ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ ( أي يصير إليه، ويثبت عنده، ويكتب في صحف ملائكته كل وقت من أوقات هذه المدّة : ما يرتفع من ذلك الأمر ويدخل تحت الوجود إلى أن تبلغ المدة آخرها، ثم يدبر أيضاً ليوم آخر، وهلم جرا إلى أن تقوم الساعة. وقيل : ينزل الوحي مع جبريل عليه السلام من السماء إلى الأرض. ثم يرجع إليه ما كان من قبول الوحي أو ردّه مع جبريل، وذلك في وقت هو في الحقيقة ألف سنة ؛ لأن المسافة مسيرة ألف سنة في الهبوط والصعود ؛ لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة، وهو يوم من أيامكم لسرعة جبريل ؛ لأنه يقطع مسيرة ألف سنة في يوم واحد، وقيل : يدبر أمر الدنيا من السماء إلى الأرض إلى أن تقوم الساعة، ثم يعرج إليه ذلك الأمر كله ؛ أي يصير إليه ليحكم فيه ) فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ ( وهو يوم القيامة. وقرأ ابن أبي عبلة :( يعرج ) على البناء للمفعول. وقرىء :( يعدون ) بالتاء والياء.
) ذالِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ الَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَىْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِن طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالاٌّ بْصَارَ وَالاٌّ فْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ (
السجدة :( ٦ ) ذلك عالم الغيب.....
) أَحْسَنَ كُلَّ شَىْء ( حسنه، لأنه ما من شيء خلقه إلا وهو مرتب على ما اقتضته الحكمة وأوجبته المصلحة ؛ فجميع المخلوقات حسنة وإن تفاوتت من حسن وأحسن، كما قال :) لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ( ( التين : ٤ ) وقيل : علم كيف يخلقه من قوله : قيمة المرء ما يحسن. وحقيقته. يحسن معرفته أي يعرفه معرفة حسنة بتحقيق وإتقان. وقريء ( خلقه ) على البدل، أي : أحسن، فقد خلق كل شيء. وخلقه : على الوصف، أي : كل شيء خلقه فقد أحسنه. سميت الذرية نسلاً ؛ لأنها تنسل منه، أي : تنفصل منه وتخرج من صلبه ونحوه قولهم للولد : سليل ونجل، و ) سَوَّاهُ ( قوّمه، كقوله تعالى :) فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ( ( التين : ٤ ) ودل بإضافة الروح إلى ذاته على أنه خلق عجيب لا يعلم كنهه إلا هو، كقوله :) وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ( الآية ( الإسراء : ٨٥ )، كأنه قال : ونفخ فيه من الشيء الذي اختص هو به وبمعرفته.
) وَقَالُواْ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِى الاٌّ رْضِ أَءِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِى وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ( ٧ )
السجدة :( ١٠ ) وقالوا أئذا ضللنا.....


الصفحة التالية
Icon