" صفحة رقم ٥٧٠ "
محتمل وجهين، أحدهما : أن يتجلببن ببعض ما لهنّ من الجلاليب، والمراد أن لا تكون الحرة متبذلة في درع وخمار، كالأمة والماهنة ولها جلبابان فصاعداً في بيتها. والثاني : أن ترخي المرأة بعض جلبابها وفضله على وجهها تتقنع حتى تتميز من الأمة. وعن ابن سيرين : سألت عبيدة السلماني عن ذلك فقال : أن تضع رداءها فوق الحاجب ثم تديره حتى تضعه على أنفها. وعن السديّ : تغطي إحدى عينيها وجبهتها، والشقّ الآخر إلاّ العين، وعن الكسائي : يتقنعن بملاحفهنّ منضمة عليهنّ، أراد بالانضمام معنى الإدناء ) وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً ( لما سلف منهن من التفريط مع التوبة ؛ لأنّ هذا مما يمكن معرفته بالعقل.
) لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِى الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُواْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً سُنَّةَ اللَّهِ فِى الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (
الأحزاب :( ٦٠ - ٦٢ ) لئن لم ينته.....
) الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ( قوم كان فيهم ضعف إيمان وقلة ثبات عليه. وقيل : هم الزناة وأهل الفجور من قوله تعالى :) فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ ( ( الأحزاب : ٣٢ ). ) وَالْمُرْجِفُونَ ( ناس كانوا يرجفون بأخبار السوء عن سرايا رسول الله ( ﷺ )، فيقولون : هزموا وقتلوا، وجرى عليهم كيت وكيت، فيكسرون بذلك قلوب المؤمنين. يقال : أرجف بكذا، إذا أخبر به على غير حقيقة، لكونه خبراً متزلزلاً غير ثابت، من الرجفة وهي الزلزلة. والمعنى : لئن لم ينته المنافقون عن عداوتهم وكيدكم، والفسقة عن فجورهم، والمرجفون عما يؤلفون من أخبار السوء : لنأمرنك بأن تفعل بهم الأفاعيل التي تسوءهم وتنوءهم، ثم بأن تضطرهم إلى طلب الجلاء عن المدينة، وإلى أن لا يساكنوك فيها ) إِلا ( زمناً ) قَلِيلاً ( ريثما يرتحلون ويلتقطون أنفسهم وعيالاتهم، فسمى ذلك إغراء، وهو التحريش على سبيل المجاز ) مَّلْعُونِينَ ( نصب على الشتم أو الحال، أي : لا يجاورونك إلاّ ملعونين، دخل حرف الاستثناء على الظرف والحال معاً، كما مرّ في قوله :) إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ( ( الأحزاب : ٥٣ ) ولا يصحّ أن ينتصب عن ) أُخِذُواْ ( لأنّ ما بعد كلمة الشرط لا يعمل فيما قبلها. وقيل : في ) قَلِيلاً (


الصفحة التالية
Icon