" صفحة رقم ٥٧٩ "
حسرة وغماً.
) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاٌّ خِرَةِ فِى الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (
سبأ :( ٧ ) وقال الذين كفروا.....
) الَّذِينَ كَفَرُواْ ( قريش. قال بعضهم لبعض :) هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ ( يعنون محمداً ( ﷺ ) : يحدثكم بأعجوبة من الأعاجيب : أنكم تبعثون وتنشئون خلقاً جديداً بعد أن تكونوا رفاتاً وتراباً ويمزق أجسادكم البلى كل ممزق، أي : يفرقكم ويبدد أجزاءكم كل تبديد. أهو مفتر على الله كذباً فيما ينسب إليه من ذلك ؟ أم به جنون يوهمه ذلك ويلقيه على لسانه ؟ ثم قال سبحانه ليس محمد من الافتراء والجنون في شيء، وهو مبرأ منهما ؛ بل هؤلاء القائلون الكافرون بالبعث : واقعون في عذاب النار فيما يؤديهم إليه من الضلال عن الحق وهم غافلون عن ذلك، وذلك أجنّ الجنون وأشدّه إطباقاً على عقولهم : جعل وقوعهم في العذاب رسيلاً لوقوعهم في الضلال، كأنهما كائنان في وقت واحد : لأنّ الضلال لما كان العذاب من لوازمه وموجباته : جعلا كأنهما في الحقيقة مقترنان. وقرأ زيد بن عليّ رضي الله عنه : ينبيكم. فإن قلت : فقد جعلت الممزق مصدراً، كبيت الكتاب : أَلَمْ تَعْلَمْ مُسَرَّحِي الْقَوَافِي
فَلاَعِيّاً بِهِنَّ وَلاَ اجْتِلاَبَاً
فهل يجوز أن يكون مكاناً ؟ قلت : نعم. ومعناه ما حصل من الأموات في بطون الطير والسباع، وما مرّت به السيول فذهبت به كل مذهب، وما سفته الرياح فطرحته كل مطرح. فإن قلت : ما العامل في إذا ؟ قلت : ما دلّ عليه ) إِنَّكُمْ لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ ( وقد سبق نظيره. فإن قلت : الجديد فعيل بمعنى فاعل أم مفعول ؟ قلت : هو عند البصريين بمعنى فاعل، تقول : جد فهو جديد، كحدّ فهو حديد، وقلّ فهو قليل. وعند الكوفيين بمعنى : مفعول، من جده إذا قطعه. وقالوا : هو الذي جده الناسج الساعة في الثوب ؛ ثم شاع. ويقولون : ولهذا قالوا ملحفة جديد، وهي عند البصريين كقوله تعالى :) وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى الاْرْضِ ( ( الأعراف : ٥٦ ) ونحو ذلك. فإن قلت : لم أسقطت الهمزة في قوله ) افْتَرَى ( دون قوله :) السِّحْرُ (، وكلتاهما همزة وصل ؟ قلت :


الصفحة التالية
Icon