" صفحة رقم ٥٨٣ "
ابن عباس رضي الله عنهما ؛ من يشكر على أحواله كلها. وعن السدي : من يشكر على الشكر. وقيل : من يرى عجزه عن الشكر. وعن داود أنه جزأ ساعات الليل والنهار على أهله، فلم تكن تأتي ساعة من الساعات إلاّ وإنسان من آل داود قائم يصلي. وعن عمر رضي الله عنه أنه سمع رجلاً يقول : اللَّهم اجعلني من القليل، فقال عمر ما هذا الدعاء ؟ فقال الرجل : إني سمعت الله يقول :) وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ ( فأنا أدعوه أن يجعلني من ذلك القليل، فقال عمر : كل الناس أعلم من عمر.
) فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الاٌّ رْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِى الْعَذَابِ الْمُهِينِ (
سبأ :( ١٤ ) فلما قضينا عليه.....
قرىء :( فلما قضى عليه الموت ) ودابة الأرض : الأرضة، وهي الدويبة التي يقال لها السرفة والأرض فعلها، فأضيفت إليه. يقال : أرضت الخشبة أرضاً. إذا أكلتها الأرضة. وقرىء بفتح الراء، من أرضت الخشبة أرضاً، وهو من باب فعلته ففعل، كقولك : أكلت القوادح الأسنان أكلاً. فأكلت أكلاً والمنسأة : العصا. لأنه ينسأ بها، أي : يطرد ويؤخر وقرىء : بفتح الميم وبتخفيف الهمزة قلباً وحذفاً وكلاهما ليس بقياس، ولكن إخراج الهمزة بين بين هو التخفيف القياسي. ومنساءته على مفعاله، كما يقال في الميضأة ميضاءة. ومن سأته، أي : من طرف عصاه، سميت بسأة القوس على الاستعارة. وفيها لغتان، كقولهم : قحة وقحة، وقرىء :( أكلت منسأته ) ) تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ ( من تبين الشيء إذا ظهر وتجلّى. و ) أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِى الْعَذَابِ الْمُهِينِ ( مع صلتها بدل من الجن بدل الاشتمال، كقولك : تبين زيد جهله : والظهور له في المعنى، أي : ظهر أنّ الجن ) لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِى الْعَذَابِ ( أو علم الجن كلهم علماً بيناً بعد التباس الأمر على عامّتهم وضعفتهم وتوهّمهم أنّ كبارهم يصدّقون في ادعائهم علم الغيب أو علم المدعون علم الغيب منهم عجزهم، وأنهم لا يعلمون الغيب وإن كانوا عالمين قبل ذلك بحالهم، وإنما أريد التهكم بهم كما تتهكم بمدّعي الباطل إذا دحضت حجته وظهر إبطاله بقولك : هل تبينت أنك مبطل. وأنت تعلم أنه لم يزل كذلك متبيناً. وقرىء :( تبينت الجن ) على البناء


الصفحة التالية
Icon