" صفحة رقم ٦٠٨ "
سوى الله إثبات لله. فلو ذهبت تقول ذلك : كنت منقضاً بالنفي بعد الإثبات ) فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ( فمن أي وجه تصرفون عن التوحيد إلى الشرك ؟.
) وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الاٍّ مُورُ (
فاطر :( ٤ ) وإن يكذبوك فقد.....
نعى به على قريش سوء تلقيهم لآيات الله، وتكذيبهم بها، وسلى رسوله ( ﷺ ) بأن له في الأنبياء قبله أسوة حسنة، ثم جاء بما يشتمل على الوعد والوعيد : من رجوع الأمور إلى حكمة ومجازاة المكذب بما يستحقانه. وقرىء :( ترجع ) بضم التاء وفتحها. فإن قلت : ما وجه صحة جزاء الشرط ؟ ومن حق الجزاء أن يتعقب الشرط هذا سابق له. قلت : معناه : وإن يكذبوك فتأس بتكذيب الرسل من قبلك، فوضع :) فَقَدْ كُذّبَتْ رُسُلٌ مّن قَبْلِكَ ( موضع : فتأس، استغناء بالسبب عن المسبب : أعني بالتكذيب عن التأسي. فإن قلت : ما معنى التنكير في رسل ؟ قلت : معناه فقد كذبت رسل، أي رسل ذوو عدد كثير. وأولوا آيات ونذر. وأهل أعمار طوال وأصحاب صبر وعزم، وما أشبه ذلك، وهذا أسلى له، وأحثّ على المصابرة.
) ياأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَواةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (
فاطر :( ٥ ) يا أيها الناس.....
وعد الله الجزاء بالثواب والعقاب ) فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ( فلا تخدعنكم ) الدُّنْيَا ( ولا يذهلنكم التمتع بها والتلذذ بمنافعها عن العمل للآخرة وطلب ما عند الله ) وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ( لا يقولن لكم اعملوا ما شئتم فإن الله غفور يغفر كل كبيرة ويعفو عن كل خطيئة. والغرور الشيطان لأن ذلك ديدنه. وقرىء بالضم وهو مصدر غره كاللزوم والنهوك أو جمع غارّ كقاعد وقعود أخبرنا الله عزّ وجلّ أن الشيطان لنا عدوّ مبين، واقتص علينا قصته وما فعل بأبينا آدم عليه السلام، وكيف انتدب لعدواة جنسنا من قبل وجوده وبعده، ونحن على ذلك نتولاه ونطيعه فيما يريد منا مما فيه هلاكنا، فوعظنا عزّ


الصفحة التالية
Icon