" صفحة رقم ١٠٧ "
وأجمعون : للاجتماع، فأفادا معاً أنهم سجدوا عن آخرهم ما بقي منهم ملك إلا سجدوا أنهم سجدوا جميعاً في وقت واحد غير متفرّقين في أوقات. فإن قلت : كيف ساغ السجود لغير الله ؟ قلت : الذي لا يسوغ هو السجود لغير الله على وجه العبادة، فأما على وجه التكرمة والتبجيل فلا يأباه العقل، إلاّ أن يعلم الله فيه مفسدة فينهى عنه، فإن قلت : كيف استثنى إبليس من الملائكة وهو من الجنّ ؟ قلت : قد أمر بالسجود معهم فغلبوا عليه في قوله :) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ ( ثم استثنى كما يستثنى الواحد منهم استثناء متصلاً ) وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ( أريد : وجود كفره ذلك الوقت وإن لم يكن قبله كافراً ؛ لأن ( كان ) مطلق في جنس الأوقات الماضية، فهو صالح لأيها شئت. ويجوز أن يراد : وكان من الكافرين في الأزمنة الماضية في علم الله.
) قَالَ ياإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (
ص :( ٧٥ ) قال يا إبليس.....
فإن قلت : ما وجه قوله :) خَلَقْتُ بِيَدَىَّ ( : قلت : قد سبق لنا أنّ ذا اليدين يباشر أكثر أعماله بيديه، فغلبت العمل باليدين على سائر الأعمال التي تباشر بغيرهما، حتى قيل في عمر القلب : هو مما عملت يداك، وحتى قيل لمن لا يدي له : يداك أوكتا وفوك نفخ، وحتى لم يبق فرق بين قولك : هذا مما عملته، وهذا مما عملته يداك. ومنه قوله