" صفحة رقم ١٣٦ "
فِتْنَةٌ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (
الزمر :( ٤٩ ) فإذا مس الإنسان.....
التخويل : مختص بالتفضل. ويقال : خولني، إذا أعطاك على غير جزاء ) عَلَى عِلْمٍ ( أي على علم مني أني سأعطاه، لما فيّ من فضل واستحقاق. أو على علم من الله بي وباستحقاقي أو على علم مني بوجوه الكسب، كما قال قارون :( على علم عندي ). فإن قلت : لم ذكر الضمير في ) أُوتِيتُهُ ( وهو للنعمة ؟ قلت : ذهاباً به إلى المعنى ؛ لأنّ قوله :) نِعْمَةً مّنَّا ( شيئاً من النعم وقسماً منها. ويحتمل أن تكون ( ما ) في إنما موصولة لا كافة، فيرجع إليها المضير. على معنى : أن الذي أوتيته على علم ) بَلْ هِىَ فِتْنَةٌ ( إنكار لقوله كأنه قال : ما خوّلناك من خولناك من النعمة لما تقول، بل هي فتنة، أي : ابتلاء وامتحان لك، أتشكر أم تكفر ؟ فإن قلت : كيف ذكر الضمير ثم أنثه ؟ قلت : حملاً على المعنى أوّلاً، وعلى اللفظ آخراً ؛ ولأنّ الخبر لما كان مؤنثاً أعني ) فِتْنَةً ( : ساغ تأنيث المبتدأ لأجله لأنه في معناه، مقولهم : ما جاءت حاجتك. وقرىء :( بل هو فتنة ) وفق ) إِنَّمَا أُوتِيتُهُ (. فإن قلت : ما السبب في عطف هذه الآية بالفاء وعطف مثلها في أوّل السورة بالواو ؟ قلت : السبب في ذلك أنّ هذه وقعت مسببة عن قوله :) وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ ( ( الزمر : ٤٥ ) على معنى أنهم يشمئزون عن ذكر الله ويستبشرون بذكر الآلهة، فإذا مسّ أحدهم ضرّ دعا من اشمأزّ من ذكره، دون من استبشر بذكره، وما بينهما من الآي اعتراض. فإن قلت : حق الاعتراض أن يؤكد المعترض بينه وبينه. قلت : ما في الاعتراض من دعاء رسول الله ( ﷺ ) ربه بأمر منه وقوله :) أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ ( ( الزمر : ٤٦ ) ثم ما عقبه من الوعيد العظيم : تأكيد لإنكار


الصفحة التالية
Icon