" صفحة رقم ١٣٩ "
كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ بَلَى قَدْ جَآءَتْكَ ءَايَاتِى فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (
الزمر :( ٥٤ ) وأنيبوا إلى ربكم.....
) وَأَنِيبُواْ إِلَى رَبّكُمْ ( وتوبوا إليه ) وَأَسْلِمُواْ لَهُ ( وأخلصوا له العمل، إنما ذكر الإنابة على أثر المغفرة لئلا يطمع طامع في حصولها بغير توبة، وللدلالة على أنها شرط فيها لازم لا تحصل بدونه ) وَاتَّبِعُواْ أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُمْ ( مثل قوله :) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ( ( الزمر : ١٨ ). ) وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ ( أي يفجؤكم وأنتم غافلون، كأنكم لا تخشون شيئاً لفرط غفلتكم وسهوكم ) أَن تَقُولَ نَفْسٌ ( كراهة أن تقول. فإن قلت : لم نكرت ؟ قلت : لأنّ المراد بها بعض الأنفس، وهي نفس الكافر. ويجوز أن يراد : نفس متميزة من الأنفس : إما بلجاج في الكفر شديد. أو بعذاب عظيم. ويجوز أن يراد التكسير، كما قال الأعشى : وَرَبَّ بَقِيعٍ لَوْ هَتَفْتُ بِحَوِّه
أَتَانِي كَرِيمٌ يَنْفُضُ الرَّأْسَ مُغْضَبَا
وهو يريد : أفواجاً من الكرام ينصرونه، لا كريماً واحداً. ونظيره : ربّ بلد قطعت، ورب بطل قارعت. وقد اختلس الطعنة ولا يقصد إلاّ التكسير. وقرىء :( يا حسرتي ) على الأصل. ويا حسرتاي، على الجمع بين العوض والمعوّض منه. والجنب : الجانب، يقال : أنا في جنب فلان وجانبه وناحيته، وفلان لين الجنب والجانب، ثم قالوا : فرّط في جنبه وفي جانبه، يريدون في حقه. قال سابق البربري : أَمَا تَتَّقِينَ اللَّهَ فِي جَنْبِ وَامِق
لَهُ كَبِدٌ حَرَّى عَلَيْكَ تَقَطَّعُ
وهذا من باب الكناية ؛ لأنك إذا أثبت الأمر في مكان الرجل وحيزه، فقد أثبته فيه. ألا ترى إلى قوله : إنَّ السَّمَاحَةَ وَالْمُرُوءَة وَالنَّدَى
فِي قُبَّةٍ ضُرِبَتْ عَلَى ابْنِ الْحَشْرَجِ
ومنه قول الناس : لمكانك فعلت كذا، يريدون : لأجلك. وفي الحديث :
( ٩٧١ ) ( من الشرك الخفيّ أن يصلي الرجل لمكان الرجل ) وكذلك : فعلت هذا


الصفحة التالية
Icon