" صفحة رقم ١٥٣ "
وقد جعله الزجاج بدلاً. وفي كونه بدلاً وحده بين الصفات نبوّ ظاهر، والوجه أن يقال : لما صودف بين هؤلاء المعارف هذه النكرة الواحدة، فقد آذنت بأنّ كلها أبدال غير أوصاف، ومثال ذلك قصيدة جاءت تفاعيلها كلها على مستفعلن، فهي محكوم عليها بأنها من بحر الرجز، فإن وقع فيها جزء واحد على متفاعلن كانت من الكامل ولقائل أن يقول : هي صفات، وإنما محذوف الألف واللام من شديد العقاب ليزاوج ما قبله وما بعده لفظاً، فقد غيروا كثيراً من كلامهم عن قوانينه لأجل الازدواج، حتى قالوا : ما يعرف سحادليه، من عنادليه، فثنوا ما هو وتر لأجل ما هو شفع ؛ على أنّ الخليل قال في قولهم ما يحسن بالرجل مثلك أن يفعل ذلك، وما يحسن بالرجل خير منك أن يفعل أنه على نية الألف واللام كما كان الجماء الغفير على نية طرح الألف واللام، ومما سهل ذلك الأمن من اللبس وجهالة الموصوف. ويجوز أن يقال : قد تعمد تنكيره، وإبهامه للدلالة على فرط الشدة وعلى ما لا شيء أدهى منه وأمر لزيادة الإنذار. ويجوز أن يقال : هذه النكتة هي الداعية إلى اختيار البدل على الوصف إذا سلكت طريقة الإبدال. فإن قلت : ما بال الواو في قوله :( وقابل التوب ) ؟ قلت : فيها نكتة جليلة، وهي إفادة الجمع للمذنب التائب بين رحمتين : بين أن يقبل توبته فيكتبها له طاعة من الطاعات. وأن يجعلها محاءة للذنوب، كأن لم يذنب، كأنه قال : جامع المغفرة والقبول. وروى أنّ عمر رضي الله عنه افتقد رجلاً ذا بأس شديد من أهل الشام، فقيل له : تتابع في هذا الشراب، فقال عمر لكاتبه : اكتب، من عمر إلى فلان : سلام عليك، وأنا أحمد إليك الله الذي لا إلاه إلاّ هو : بسم الله الرحمن الرحيم : حم إلى قوله إليه المصير. وختم الكتاب وقال لرسوله : لا