" صفحة رقم ١٦ "
وقرأ ابن مسعود ( الأزقية ) : واحدة، من زقا الطائر يزقو ويزقي، إذا صاح. ومنه المثل : أثقل من الزواقي ) خَامِدُونَ ( خمدوا كما تخمد النار، فتعود رماداً، كما قال لبيد :
وَمَا الْمَرْءُ إلاَّ كَالشَّهَابِ وَضَوْئِه
يَحُورُ رَمَاداً بَعْدَ إذْ هُوَ سَاطِعُ
) ياحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ (
يس :( ٣٠ ) يا حسرة على.....
) ياحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ( نداء للحسرة عليهم، كأنما قيل لها تعالى : يا حسرة فهذه من أحوالك التي حقك أن تحضري فيها، وهي حال استهزائهم بالرسل. والمعنى أنهم أحقاء بأن يتحسر عليهم المتحسرون، ويتلهف على حالهم المتلهفون. أو هم متحسر عليهم من جهة الملائكة والمؤمنين من الثقلين. ويجوز أن يكون من الله تعالى على سبيل الاستعارة فى معنى تعظيم ما جنوه على أنفسهم ومحنوها به، وفرط إنكاره له وتعجيبه منه، وقراءة من قرأ :( يا حسرتاه ) تعضد هذا الوجه لأن المعنى : يا حسرتي. وقرىء :( يا حسرة العباد )، على الإضافة إليهم لاختصاصها بهم ؛ من حيث أنها موجهة إليهم. ويا حسرة على العباد : على إجراء الوصل مجرى الوقف.
) أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ (
يس :( ٣١ ) ألم يروا كم.....
) أَلَمْ يَرَوْاْ ( ألم يعلموا، وهو معلق عن العمل في ) كَمْ ( لأن كم لا يعمل فيها عامل قبلها، كانت للاستفهام أو للخبر ؛ لأنّ أصلها الاستفهام، إلا أن معناه نافذ في الجملة، كما نفذ في قولك : ألم يروا إن زيداً لمنطلق، وإن لم يعمل في لفظه. و ) أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ ( بدل من ) كَمْ أَهْلَكْنَا ( على المعنى، لا على اللفظ، تقديره : ألم يروا كثرة إهلاكنا القرون من قبلهم كونهم غير راجعين إليهم. وعن الحسن : كسر إنّ على الاستئناف. وفي قراءة ابن مسعود :( ألم يروا من أهلكنا ) والبدل على هذه القراءة بدل اشتمال، وهذا مما يردّ قول أهل الرجعة. ويحكى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قيل له : إن قوماً يزعمون أنّ علياً مبعوث قبل يوم القيامة، فقال : بئس القوم نحن إذن : نكحنا نساءه وقسمنا ميراثه. قرىء :( لما ) بالتخفيف، على أن ( ما ) صلة للتأكيد،