" صفحة رقم ١٧٩ "
مجادلتهم في آيات الله كانت مشتملة على إنكار البعث، وهو أصل المجادلة ومدارها، فحجوا بخلق السماوات والأرض لأنهم كانوا مقرّين بأن الله خالقها وبأنها خلق عظيم لا يقادر قدره، وخلق الناس بالقياس إليه شيء قليل مهين، فمن قدر على خلقها مع عظمها كان على خلق الإنسان مع مهانته أقدر، وهو أبلغ من الاستشهاد بخلق مثله، ) لاَّ يَعْلَمُونَ ( لأنهم لا ينظرون ولا يتأملون لغلبة الغفلة عليهم واتباعهم أهواءهم.
) وَمَا يَسْتَوِى الاٌّ عْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَلاَ الْمُسِىءُ قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ (
غافر :( ٥٨ ) وما يستوي الأعمى.....
ضرب الأعمى والبصير مثلاً للمحسن والمسيىء. وقرىء :( يتذكرون ) بالياء والتاء، والتاء أعم.
) إِنَّ السَّاعَةَ لاّتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَلَاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ (
غافر :( ٥٩ ) إن الساعة لآتية.....
) لاَ رَيْبَ فِيهَا ( لا بد من مجيئها ولا محالة، وليس بمرتاب فيها، لأنه لا بد من جزاء ) لاَ يُؤْمِنُونَ ( لا يصدقون بها.
) وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (
غافر :( ٦٠ ) وقال ربكم ادعوني.....
) ادْعُونِى ( اعبدوني، والدعاء بمعنى العبادة كثير في القرآن، ويدلّ عليه قوله تعالى :) إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى ( والاستجابة : الإثابة ؛ وفي تفسير مجاهد : اعبدوني أثبكم. وعن الحسن وقد سئل عنها : اعملوا وأبشروا، فإنه حق على الله أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله. وعن الثوري أنه قيل له : ادع الله، فقال : إن ترك الذنوب هو الدعاء. وفي الحديث :
( ٩٨٢ ) ( إذا شغل عبدي طاعتي عن الدعاء، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين )