" صفحة رقم ١٨٦ "
ولم يقل، لتأكلوا منها، ولتصلوا إلى منافع ؟ أو هلا قال : منها تركبون ومنها تأكلون وتبلغون عليها حاجة في صدوركم ؟ قلت : في الركوب : الركوب في الحج والغزو، وفي بلوغ الحاجة : الهجرة من بلد إلى بلد لإقامة دين أو طلب علم، وهذه أغراض دينية إمّا واجبة أو مندوب إليها مما يتعلق به إرادة الحكيم. وأما الأكل وإصابة المنافع : فمن جنس المباح الذي لا يتعلق به إرادته، ومعنى قوله :) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ( وعلى الأنعام وحدها لا تحملون، ولكن عليها وعلى الفلك في البر والبحر. فإن قلت : هلا قيل : وفي الفلك، كما قال :) قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ( ؟ ( هود : ٤٠ ) قلت : معنى الإيعاء ومعنى الاستعلاء : كلاهما مستقيم ؛ لأنّ الفلك وعاء لمن يكون فيها حمولة له يستعليها، فلما صحّ المعنيان صحت العبارتان. وأيضاً فليطابق قوله :( وعليها ) ويزاوجه ) وَيُرِيكُمْ ءايَاتِهِ فَأَىَّ ( جاءت على اللغة المستفيضة. وقولك : فأية آيات الله قليل، لأنّ التفرقة بين المذكر والمؤنث في الأسماء غير الصفات نحو حمار وحمارة غريب. وهي في ( أي ) أغرب لإبهامه.
) أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى الاٌّ رْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَءَاثَاراً فِى الاٌّ رْضِ فَمَآ أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ (
غافر :( ٨٢ ) أفلم يسيروا في.....
) وَءاثَاراً ( قصورهم ومصانعهم. وقيل : مشيهم بأرجلهم لعظم أجرامهم ) فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ ( ما نافية أو مضمنة معنى الاستفهام، ومحلها النصب، والثانية : موصولة أو مصدرية ومحلها الرفع، يعني أي شيء أغنى عنهم مكسوبهم أو كسبهم ) فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مّنَ الْعِلْمِ ( فيه وجوه : منها أنه أراد العلم الوارد على طريق التهكم في قوله تعالى :) بَلِ ادرَكَ عِلْمُهُمْ فِى الاْخِرَةِ ( ( النمل : ٦٦ ) : وعلمهم في الآخرة أنهم كانوا يقولون : لا


الصفحة التالية
Icon