" صفحة رقم ٢٠٥ "
وأحباؤهم في الدارين ) تَدْعُونَ ( تتمنون : والنزل : رزق التنزيل وهو الضيف، وانتصابه على الحال.
) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ الْمُسْلِمِينَ (

فصلت :( ٣٣ ) ومن أحسن قولا.....


) مّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ ( عن ابن عباس رضي الله عنهما : هو رسول الله ( ﷺ ) دعا إلى الإسلام ) وَعَمِلَ صَالِحَاً ( فيما بينه وبين ربه، وجعل الإسلام نحلة له. وعنه : أنهم أصحاب رسول الله ( ﷺ ). وعن عائشة رضي الله عنها : ما كنا نشك أنّ هذه الآية نزلت في المؤذنين، وهي عامة في كل من جمع بين هذه الثلاث : أن يكون موحداً معتقداً لدين الإسلام، عاملاً بالخير داعياً إليه ؛ وما هم إلاّ طبقة العالمين العاملين من أهل العدل والتوحيد، الدعاة إلى دين الله وقوله :) وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ الْمُسْلِمِينَ ( ليس الغرض أنه تكلم بهذا الكلام، ولكن جعل دين الإسلام مذهبه ومعتقده، كما تقول : هذا قول أبي حنيفة، تريد مذهبه.
) وَلاَ تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظِّ عَظِيمٍ (

فصلت :( ٣٤ ) ولا تستوي الحسنة.....


يعني : أنّ الحسنة والسيئة متفاوتتان في أنفسهما فخذ الحسنة التي هي أحسن من أختها إذا اعترضتك حسنتان فادفع بها السيئة التي ترد عليك من بعض أعدائك. ومثال ذلك : رجل أساء إليك إساءة، فالحسنة : أن تعفو عنه، والتي هي أحسن : أن تحسن إليه مكان إساءته إليك، مثل أن يذمك فتمدحه ويقتل ولدك فتفتدي ولده من يد عدوه، فإنك إذا فعلت ذلك انقلب عدوك المشاقّ مثل الولي الحميم مصافاة لك. ثم قال : وما يلقى هذه الخليقة أو السجية التي هي مقابلة الإساءة بالإحسان إلاّ أهل الصبر، وإلا رجل خير وفق لحظ عظيم من الخير. فإن قلت : فهلا قيل : فادفع بالتي هي أحسن ؟ قلت : هو على تقدير قائل قال : فكيف أصنع ؟ فقيل : ادفع بالتي هي أحسن. وقيل :( لا ) مزيدة. والمعنى : ولا تستوي الحسنة والسيئة. فإن قلت : فكان القياس على هذا التفسير أن يقال : ادفع بالتي هي حسنة، قال : أجل، ولكن وضع التي هي أحسن موضع الحسنة، ليكون أبلغ في الدفع بالحسنة ؛ لأنّ من دفع بالحسنى هان عليه الدفع بما هو دونها. وعن ابن عباس رضي الله عنهما :) بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ( الصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، وفسر الحظ بالثواب. وعن الحسن رحمه الله : واللهما عظم


الصفحة التالية
Icon