" صفحة رقم ٢٠٧ "
خلاف وصفها بالاهتزاز والربوّ وهو الانتفاخ : إذا أخصبت وتزخرفت بالنبات كأنها بمنزلة المختال في زيه، وهي قبل ذلك كالذليل الكاسف البال في الأطمار الرثة. وقرىء ( وربأت ) أي ارتفعت لأن النبت إذا همّ أن يظهر : ارتفعت له الأرض.
) إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِىءَايَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ أَفَمَن يُلْقَى فِى النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِىءَامِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (
فصلت :( ٤٠ ) إن الذين يلحدون.....
يقال : ألحد الحافر ولحد، إذا مال عن الاستقامة، فحفر في شق، فاستعير للانحراف في تأويل آيات القرآن عن جهة الصحة والاستقامة، وقرىء ( يلحدون ويلحدون ) على اللغتين. وقوله :) لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ( وعيد لهم على التحريف.
) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِالذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لاَّ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (
فصلت :( ٤١ ) إن الذين كفروا.....
فإن قلت : بم اتصل قوله :) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِالذّكْرِ ( ؟ قلت : هو بدل من قوله :) الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِىءايَاتِنَا ( ( فصلت : ٤٠ ) والذكر : القرآن، لأنهم لكفرهم به طعنوا فيه وحرّفوا تأويله ) وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ( أي منيع محمى بحماية الله تعالى ) لاَّ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ ( مثل كأن الباطل لا يتطرّق إليه ولا يجد إليه سبيلاً من جهة من الجهات حتى يصل إليه ويتعلق به. فإن قلت : أما طعن فيه الطاعنون، وتأوّله المبطلون ؟ قلت : بلى، ولكن الله قد تقدّم في حمايته عن تعلق الباطل به : بأن قيض قوماً عارضوهم بإبطال تأويلهم وإفساد أقاويلهم، فلم يخلوا طعن طاعن إلا ممحوقاً، ولا قول مبطل إلا مضمحلاً. ونحوه قوله تعالى :) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ( ( الحجر : ٩ ).
) مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةَ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (
فصلت :( ٤٣ ) ما يقال لك.....
ما يقال لك أي : ما يقول لك كفار قومك إلا مثل ما قال للرسل كفار قومهم من الكلمات المؤذية والمطاعن في الكتب المنزلة ) إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةَ ( ورحمة لأنبيائه ) وَذُو عِقَابٍ ( لأعدائهم. ويجوز أن يكون : ما يقول لك الله إلا مثل ما قال للرسل من قبلك، والمقول : هو قوله تعالى :) إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةَ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ ( فمن حقه أن يرجوه أهل طاعته ويخافه أهل معصيته، والغرض : تخويف العصاة.
) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْءَاناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ ءَايَاتُهُ ءَاعْجَمِىٌّ وَعَرَبِىٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ