" صفحة رقم ٢١١ "
استعير العرض لكثرة الدعاء ودوامه وهو من صفة الأجرام ويستعار له الطويل أيضاً كما استعير الغلظ بشدّة العذاب. وقرىء ( ونأى بجانبه ) بإمالة الألف وكسر النون للإتباع. وناء على القلب، كما قالوا : راء في رأي. فإن قلت : حقق لي معنى قوله تعالى :) وَنَأَى بِجَانِبِهِ ( قلت : فيه وجهان : أن يوضع جانبه موضع نفسه كما ذكرنا في قوله تعالى :) عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ اللَّهِ ( ( الزمر : ٥٦ ) أن مكان الشيء وجهته ينزل منزلة الشيء نفسه، ومنه قوله :......... وَتَقَيْتُ عَنْه
مَقَامَ الذِّئْبِ.........
يريد : ونفيت عنه الذئب. ومنه : ولمن خاف مقام ربه. ومنه قول الكتاب : حضرت فلان ومجلسه، وكتبت إلى جهته وإلى جانبه العزيز، يريدون نفسه وذاته، فكأنه قال : ونأى بنفسه، كقولهم في المتكبر : ذهب بنفسه، وذهبت به الخيلاء كل مذهب، وعصفت به الخيلاء ؛ وأن يراد بجانبه : عطفه، ويكون عبارة عن الانحراف والازورار ؛ كما قالوا : ثنى عطفه، وتولى بركنه.
) قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِى شِقَاقٍ بَعِيدٍ (
فصلت :( ٥٢ ) قل أرأيتم إن.....
) أَرَءيْتُمْ ( أخبروني ) إِن كَانَ ( القرآن ) مِنْ عِندِ اللَّهِ ( يعني أن ما أنتم عليه من إنكار القرآن وتكذيبه ليس بأمر صادر عن حجة قاطعة حصلتم منها على اليقين وثلج الصدور، وإنما هو قبل النظر واتباع الدليل أمر متحمل، يجوز أن يكون من عند الله وأن لا يكون من عنده، وأنتم لم تنظروا ولم تفحصوا، فما أنكرتم أن يكون حقاً وقد كفرتم به. فأخبروني من أضلّ منكم وأنتم أبعدتم الشوط في مشاقته ومناصبته ولعله حق فأهلكتم أنفسكم ؟ وقوله تعالى :) مِمَّنْ هُوَ فِى شِقَاقٍ بَعِيدٍ ( موضوع منكم، بياناً لحالهم وصفتهم.
) سَنُرِيهِمْ ءَايَاتِنَا فِى الاٌّ فَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ أَلاَ إِنَّهُمْ فِى مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ مُّحِيطُ (
فصلت :( ٥٣ - ٥٤ ) سنريهم آياتنا في.....
) سَنُرِيهِمْ ءايَاتِنَا فِى الاْفَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمْ ( يعني ما يسر الله عز وجل لرسوله ( ﷺ )