" صفحة رقم ٢٢١ "
) اللَّهُ الَّذِى أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلاَ إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فَى السَّاعَةِ لَفِى ضَلَالَ بَعِيدٍ (
الشورى :( ١٧ - ١٨ ) الله الذي أنزل.....
) أَنزَلَ الْكِتَابَ ( أي جنس الكتاب ) وَالْمِيزَانَ ( والعدل والتسوية. ومعنى إنزال العدل : أنه أنزله في كتبه المنزلة. وقيل : الذي يوزن به. بالحق : ملتبساً بالحق، مقترناً به، بعيداً من الباطل أو بالغرض الصحيح كما اقتضته الحكمة. أو بالواجب من التحليل والتحريم وغير ذلك ) السَّاعَةَ ( في تأويل البعث، فلذلك قيل :) قَرِيبٌ ( أو لعل مجيء الساعة قريب. فإن قلت : كيف يوفق ذكر اقتراب الساعة مع إنزال الكتاب والميزان ؟ قلت : لأنّ الساعة يوم الحساب ووضع الموازين للقسط، فكأنه قيل : أمركم الله بالعدل والتسوية والعمل بالشرائع قبل أن يفاجئكم اليوم الذي يحاسبكم فيه ويزن أعمالكم، ويوفي لمن أوفى ويطفف لمن طفف. المماراة : الملاجة لأنّ كل واحد منهما يمرى ما عند صاحبه ) لَفِى ضَلَالَ بَعِيدٍ ( من الحق : لأنّ قيام الساعة غير مستبعد من قدرة الله، ولدلالة الكتاب المعجز على أنها آتية لا ريب فيها، ولشهادة العقول على أنه لا بدّ من دار الجزاء.
) اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ الْقَوِىُّ الْعَزِيزُ (
الشورى :( ١٩ ) الله لطيف بعباده.....
) لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ( برّ بليغ البرّ بهم، قد توصل برّه إلى جميعهم، وتوصل من كل واحد منهم إلى حيث لا يبلغه، وهم أحد من كلياته وجزئياته. فإن قلت : فما معنى قوله :) يَرْزُقُ مَن يَشَاء ( بعد توصل برّه إلى جميعهم ؟ قلت : كلهم مبرورون لا يخلو أحد من برّه، إلا أنّ البرّ أصناف، وله أوصاف. والقسمة بين العباد تتفاوت على حسب تفاوت قضايا الحكمة والتدبير، فيطير لبعض لعباد صنف من البر لم يطر مثله لآخر، ويصيب هذا حظ له وصف ليس ذلك الوصف لحظ صاحبه، فمن قسم له منهم ما لا يقسم للآخر فقد رزقه، وهو الذي أراد بقوله :) يَرْزُقُ مَن يَشَاء ( ( البقرة : ٢١٢ ) كما يرزق أحد الأخوين ولداً دون الآخر، على أنه أصابه بنعمة أخرى لم يرزقها صاحب الولد ) وَهُوَ الْقَوِىُّ ( الباهر القدرة، الغالب على كل شيء ) الْعَزِيزُ ( المنيع الذي لا يغلب.
) مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الاٌّ خِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِى حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِى الاٌّ خِرَةِ مِن نَّصِيبٍ ( ٧ )
الشورى :( ٢٠ ) من كان يريد.....


الصفحة التالية
Icon