" صفحة رقم ٢٣٨ "
وحيا كما أوحى إلى الرسل بواسطة الملائكة ) أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً ( أي نبيناً كما كلم أمم الأنبياء على ألسنتهم. ووحيا، وأن يرسل : مصدران واقعان موقع الحال ؛ لأنّ أن يرسل، في معنى إرسالاً. ومن وراء حجاب : ظرف واقع موقع الحال أيضاً، كقوله تعالى :) وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ( ( آل عمران : ١٩١ ) والتقدير : وما صح أن يكلم أحداً إلا موحياً، أو مسمعاً من وراء حجاب، أو مرسلاً. ويجوز أن يكون : وحياً، موضوعاً موضع : كلاماً ؛ لأنّ الوحي كلام خفي في سرعة، كما تقول : لا أكلمه إلا جهراً وإلا خفانا ؛ لأنّ الجهر والخفات ضربان من الكلام، قلت لفلان كذا، وإنما قاله وكيلك أو رسولك. وقوله :) أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ ( معناه : أو إسماعاً من وراء حجاب ؛ ومن جعل ( وحيا ) في معنى : أن يوحي، وعطف يرسل عليه، على معنى ) وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً ( أي : إلا بأن يوحي. أو بأن يرسل، فعليه أن يقدر قوله :) أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ ( تقديراً يطابقهما عليه، نحو : أو أن يسمع من وراء حجاب. وقرىء ( أو يرسل رسولاً فيوحى ) بالرفع، على : أو هو يرسل. أو بمعنى مرسلاً عطفاً على وحيا في معنى موحياً. وروى أنّ اليهود قالت للنبي ( ﷺ ) :
( ٩٩٩ ) ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبياً كما كلمه موسى ونظر إليه، فإنا لن نؤمن لك حتى تفعل ذلك، فقال : لم ينظر موسى إلى الله، فنزلت. وعن عائشة رضي الله عنها :
( ١٠٠٠ ) من زعم أنّ محمداً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، ثم قالت : أو لم تسمعوا ربكم يقول : فتلت هذه الآية :) إِنَّهُ عَلِىٌّ ( عن صفات المخلوقين ) حَكِيمٌ ( يجري أفعاله على موجب الحكمة، فيكلم تارة بواسطة، وأخرى بغير واسطة : إما إلهاماً، وإما خطاباً.
) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَاكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِى لَهُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الاٌّ رْضِ أَلاَ إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الاٍّ مُورُ (
الشورى :( ٥٢ ) وكذلك أوحينا إليك.....
) رُوحاً مّنْ أَمْرِنَا ( يريد : ما أوحي إليه، لأن الخلق يحيون به في دينهم كما يحيى


الصفحة التالية
Icon