" صفحة رقم ٢٤٥ "
الخمر والمعازف، فلا يزالون يسقون حتى تميل طلاهم وهم على ظهور الدواب، أو في بطون السفن وهي تجري بهم، لا يذكرون إلا الشيطان، ولا يمتثلون إلا أوامره. وقد بلغني أنّ بعض السلاطين ركب وهو يشرب من بلد إلى بلد بينهما مسيرة شهر، فلم يصح إلا بعدما اطمأنت به الدار، فلم يشعره بمسيره ولا أحس به، فكم بين فعل أولئك الراكبين وبين ما أمره الله به في هذه الآية. وقيل : يذكرون عند الركوب ركوب الجنازة.
) وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَانِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ أَوَمَن يُنَشَّأُ فِى الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِى الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (
الزخرف :( ١٥ ) وجعلوا له من.....
) وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا ( متصل بقوله :) وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ ( ( الزخرف : ٩ ) أي : ولئن سألتهم عن خالق السماوات والأرض ليعترفن به، وقد جعلوا له مع ذلك الاعتراف من عباده جزءاً فوصفوه بصفات المخلوقين. ومعنى ) مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا ( أن قالوا الملائكة بنات الله، فجعلوهم جزءاً له وبعضاً منه، كما يكون الولد بضعة من والده وجزءاً له. ومن بدع التفاسير : تفسير الجزء بالإناث، وادعاء أنّ الجزء في لغة العرب : اسم للإناث، وما هو إلا كذب على العرب، ووضع مستحدث منحول، ولم يقنعهم ذلك حتى اشتقوا منه : أجزأت المرأة، ثم صنعوا بيتاً وبيتاً : إنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةٌ يَوْماً فَلاَ عَجَب
زُوِّجْتُهَا مِنْ بَنَاتِ الأَوْسِ مُجْزِئَةً
وقرىء ( جزؤوا ) بضمتين ) لَكَفُورٌ مُّبِينٌ ( لجحود للنعمة ظاهر جحوده ؛ لأنّ نسبة الولد إليه كفر، والكفر أصل الكفران كله ) أَمِ اتَّخَذَ ( بل اتخذ، والهمزة للإنكار : تجهيلاً لهم وتعجيباً من شأنهم، حيث لم يرضوا بأن جعلوا لله من عباده جزءاً، حتى جعلوا ذلك الجزء شر الجزأين : وهو الإناث دون الذكور، على أنهم أنفر خلق الله عن