" صفحة رقم ٢٥٨ "
في ملة من ملل الأنبياء ؟ وكفاه نظراً وفحصاً : نظره في كتاب الله المعجز المصدّق لما بين يديه، وإخبار الله فيه بأنهم يعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطاناً. وهذه الآية في نفسها كافية لا حاجة إلى غيرها، والسؤال الواقع مجازاً عن النظر، حيث لا يصح السؤال على الحقيقة : كثير منه مساءلة الشعراء الديار والرسوم والأطلال. وقول من قال : سل الأرض من شق أنهارك وغرس أشجارك وجني ثمارك ؟ فإنها لم تجبك حواراً أجابتك اعتباراً. وقيل : إن النبي ( ﷺ ) جمع له الأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس فأمّهم. وقيل له : سلهم، فلم يشكك ولم يسأل. وقيل : معناه سل أمم من أرسلنا وهم أهل الكتابين : التوراة والإنجيل. وعن الفراء : هم إنما يخبرونه عن كتب الرسل، فإذا سألهم فكأنه سأل الأنبياء.
) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِأايَاتِنَآ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلاًّيْهِ فَقَالَ إِنِّى رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَلَمَّا جَآءَهُم بِأايَاتِنَآ إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ (
الزخرف :( ٤٦ ) ولقد أرسلنا موسى.....
ما أجابوه به عند قوله :) إِنّى رَسُولُ رَبّ الْعَالَمِينَ ( محذوف، دل عليه قوله :) فَلَمَّا جَآءَهُم بِأايَاتِنَآ ( وهو مطالبتهم إياه بإحضار البينة على دعواه وإبراز الآية ) إِذَا هُم مِنْهَا يَضْحَكُونَ ( أي يسخرون منها ويهزءون بها ويسمونها سحراً. وإذا للمفاجأة. فإن قلت : كيف جاز أن يجاب لما بإذا المفاجأة ؟ قلت : لأنّ فعل المفاجأة معها مقدّر، وهو عامل النصب في محلها، كأنه قيل : فلما جاءهم بآياتنا فاجئوا وقت ضحكهم.
) وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ ءَايَةٍ إِلاَّ هِىَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (
الزخرف :( ٤٨ ) وما نريهم من.....
فإن قلت : إذا جاءتهم آية واحدة من جملة التسع فما أختها التي فضلت عليها في الكبر من بقية الآيات ؟ قلت : أختها التي هي آية مثلها. وهذه صفة كل واحدة منها فكان المعنى على أنها أكبر من بقية الآيات على سبيل التفصيل والاستقراء واحدة بعد واحدة، كما تقول : هو أفضل رجل رأيته. تريد : تفضيله على أمة الرجال الذين رأيتهم إذا