" صفحة رقم ٢٦٩ "
ونحو هذه الطريقة قول سعيد بن جبير رحمه الله للحجاج حين قال له : أما والله لأبدلنك بالدنيا ناراً تلظى : لو عرفت أن ذلك إليك ما عبدت إلاهاً غيرك. وقد تمحل الناس بما أخرجوه به من هذا الأسلوب الشريف المليء بالنكت والفوائد المستقل بإثبات التوحيد على أبلغ وجوهه، فقيل : إن كان للرحمان ولد في زعمكم، فأنا أول العابدين الموحدين لله، المكذبين قولكم بإضافة الولد إليه. وقيل : إن كان للرحمان ولد في زعمكم فأنا أول الآنفين من أن يكون له ولد من عبد يعبد : إذا اشتد أنفه فهو عبد وعابد. وقرأ بعضهم :( العبدين ) وقيل : هي إن النافية، أي : ما كان للرحمان ولد، فأنا أول من قال بذلك وعبد ووحد. وروي : أنّ النضر بن عبد الدار بن قصي قال : إن الملائكة بنات الله فنزلت، فقال النضر : ألا ترون أنه قد صدقني. فقال له الوليد بن المغيرة : ما صدقك ولكن قال : ما كان للرحمان ولد فأنا أول الموحدين من أهل مكة : أن لا ولد له. وقرىء ( ولد ) بضم الواو. ثم نزه ذاته موصوفة بربوبيته السماوات والأرض والعرش عن اتخاذ الولد، ليدل على أنه من صفة الأجسام. ولو كان جسماً لم يقدر على خلق هذا العالم وتدبير أمره.
) فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّى يُلَاقُواْ يَوْمَهُمُ الَّذِى يُوعَدُونَ (
الزخرف :( ٨٣ ) فذرهم يخوضوا ويلعبوا.....
) فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ ( في باطلهم ) وَيَلْعَبُواْ ( في دنياهم ) حَتَّى يُلَاقُواْ يَوْمَهُمُ ( وهذا دليل على أنّ ما يقولونه من باب الجهل والخوض واللعب، وإعلام لرسول الله ( ﷺ ) أنهم من المطبوع على قلوبهم الذين لا يرجعون البتة، وإن ركب في دعوتهم كل صعب وذلول، وخذلان لهم وتخلية بينهم وبين الشيطان، كقوله تبارك وتعالى :) اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ ( ( فصلت : ٤٠ ) وإبعاد بالشقاء في العاقبة.
) وَهُوَ الَّذِى فِى السَّمآءِ إِلَاهٌ وَفِى الاٌّ رْضِ إِلَاهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ وَتَبَارَكَ الَّذِى لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (
الزخرف :( ٨٤ ) وهو الذي في.....
ضمن اسمه تعالى معنى وصف، فلذلك علق به الظرف في قوله :( في السماء )