" صفحة رقم ٣٠٤ "
كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ ( ( فصلت : ٥٢ ) وكذلك الواو الآخرة عاطفة لاستكبرتم على شهد شاهد، وأما الواو في ( وشهد شاهد ) فقد عطفت جملة قوله. شهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم : على جملة قوله :( كان من عند الله وكفرتم به ) ونظيره قولك : إن أحسنت إليك وأسأت، وأقبلت عليك وأعرضت عني، لم نتفق في أنك أخذت ضميمتين فعطفتهما على مثليهما، والمعنى : قل أخبروني إن اجتمع كون القرآن من عند الله مع كفركم به، واجتمع شهادة أعلم بني إسرائيل على نزول مثله وإيمانه به، مع استكباركم عنه وعن الإيمان به، ألستم أضل الناس وأظلمهم ؟ وقد جعل الإيمان في قوله :) فَأامَنَ ( مسبباً عن الشهادة على مثله : لأنه لما علم أنّ مثله أنزل على موسى صلوات الله عليه، وأنه من جنس الوحي وليس من كلام البشر، وأنصف من نفسه فشهد عليه واعترف كان الإيمان نتيجة ذلك.
) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَاذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَاذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ أُوْلَائِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (
الأحقاف :( ١١ ) وقال الذين كفروا.....
) لِلَّذِينَ ءامَنُواْ ( لأجلهم وهو كلام كفار مكة، قالوا : عامّة من يتبع محمداً السقاط، يعنون الفقراء مثل عمار وصهيب وابن مسعود، فلو كان ما جاء به خيراً ما سبقنا إليه هؤلاء. وقيل : لما أسلمت جهينة ومزينة وأسلم وغفار : قالت بنو عامر وغطفان وأسد وأشجع : لو كان خيراً ما سبقنا إليه رعاء البهم. وقيل : إن أمة لعمر أسلمت، فكان عمر يضربها حتى يفتر ثم يقول لولا أني فترت لزدتك ضرباً، وكان كفار قريش يقولون : لو كان ما يدعو إليه محد حقاً ما سبقتنا إليه فلانة. وقيل : كان اليهود يقولونه عند إسلام عبد الله بن سلام وأصحابه. فإن قلت : لا بدّ من عامل في الظرف في قوله :) وَإِذْ لَمْ


الصفحة التالية
Icon