" صفحة رقم ٣٠٦ "
الحال : أي : ذات كره. أو على أنه صفة للمصدر، أي : حملاً ذا كُرهٍ ) وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ( ومدّة حمله وفصاله ) ثَلاَثُونَ شَهْراً ( وهذا دليل على أن أقل الحمل ستة أشهر ؛ لأن مدّة الرضاع إذا كانت حولين لقوله عز وجل :) حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ( ( البقرة : ٢٣٣ ) بقيت للحمل ستة أشهر. وقرىء :( وفصله ) والفصل والفصال : كالفطم والفطام. بناء ومعنى. فإن قلت : المراد بيان مدّة الرضاع لا الفطام، فكيف عبر عنه بالفصال ؟ قلت : لما كان الرضاع يليه الفصال ويلابسه لأنه ينتهي به ويتم : سمى فصالاً، كما سمي المدّة بالأمد من قال : كُلُّ حَيٍّ مُسْتَكْمِلٌ مُدَّةَ الْعُمْ
رِ وَمُودٍ إِذَا انْتَهَى أَمَدُهْ
وفيه فائدة وهي الدلالة على الرضاع التام المنتهى بالفصال ووقته. وقرىء :( حتى إذا استوى وبلغ أشدّه ) وبلوغ الأشد : أن يكتهل ويستوفي السنّ التي تستحكم فيها قوّته وعقله وتمييزه، وذلك إذا أناف على الثلاثين وناطح الأربعين. وعن قتادة : ثلاث وثلاثون سنة، ووجهه أن يكون ذلك أوّل الأشد، وغايته الأربعين. وقيل : لم يبعث نبيّ قط إلا بعد أربعين سنة. والمراد بالنعمة التي استوزع الشكر عليها : نعمة التوحيد والإسلام، وجمع بين شكري النعمة عليه وعلى والديه ؛ لأن النعمة عليهما نعمة عليه. وقيل في العمل المرضي : هو الصلوات الخمس. فإن قلت : ما معنى ( في ) في قوله :) وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرّيَّتِى ( ؟ قلت : معناه : أن يجعل ذريّته موقعاً للصلاح ومظنة له كأنه قال : هب لي الصلاح في ذرّيتي وأوقعه فيهم ونحوه :
يَجْرَحُ فِي عَرَاقِيبِهَا نَصْلِي
) مِنَ الْمُسْلِمِينَ ( من المخلصين. وقرىء :( يتقبل ) ويتجاوز، بفتح الياء، والضمير فيهما لله عز وجل. وقرئا بالنون. فإن قلت : ما معنى قوله :) فِى أَصْحَابِ الْجَنَّةِ ( ؟ قلت : هو نحو قولك : أكرمني الأمير في ناس من أصحابه، تريد : أكرمني في جملة من أكرم منهم، ونظمني في عدادهم، ومحله النصب على الحال، على معنى : كائنين في أصحاب الجنة ومعدودين فيهم ) وَعْدَ الصّدْقِ ( مصدر مؤكد ؛ لأن قوله : يتقبل، ويتجاوز : وعد من الله لهم بالتقبل والتجاوز. وقيل : نزلت في أبي بكر رضي الله عنه وفي أبيه أبي قحافة