" صفحة رقم ٣٧٢ "
وعن الحسن رضي الله عنه في ذكر الحجاج : أخرج إلى بنانا قصيرة قلما عرقت فيها الأعنة في سبيل الله ثم جعل يطبطب شعيرات له ويقول : يا أبا سعيد يا أبا سعيد، وقال لما مات : اللَّهم أنت أمته فاقطع سنته، فإنه أتانا أخيفش أعيمش يخطر في مشيته ويصعد المنبر حتى تفوته الصلاة، لا من الله يتقي ولا من الناس يستحي، فوقه الله وتحته مائة ألف أو يزيدون، لا يقول له قائل : الصلاة أيها الرجل الصلاة أيها الرجل، هيهات دون ذلك السيف والسوط. وقيل : معناه لا يعب بعضكم بعضاً، لأنّ المؤمنين كنفس واحدة، فمتى عاب المؤمن المؤمن فكأنما عاب نفسه. وقيل : معناه لا تفعلوا ما تلمزون به، لأن من فعل ما استحق به اللمز فقد لمز نفسه حقيقة. والتنابز بالألقاب : التداعي بها : تفاعل من نبزه، وبنو فلان يتنابزون ويتنازبون ويقال : النبز والنزب : لقب السوء والتلقيب المنهي عنه، وهو ما يتداخل المدعوّ به كراهة لكونه تقصيراً به وذمّاً له وشيئاً، فأما ما يحبه مما يزينه وينوّه به فلا بأس به. روي عن النبي ( ﷺ ) :
( ١٠٧١ ) ( من حق المؤمن على أخيه أن يسميه بأحب أسمائه إليه ) ولهذا كانت التكنية من السنة والأدب الحسن. قال عمر رضي الله عنه : أشيعوا الكنى فإنها منبهة. ولقد لقب أبو بكر بالعتيق والصدّيق، وعمر بالفاروق، وحمزة بأسد الله، وخالد بسيف الله، وقلَّ من المشاهير في الجاهلية والإسلام من ليس له لقب، ولم تزل هذه الألقاب الحسنة في الأمم كلها من العرب والعجم تجري في مخاطباتهم ومكاتباتهم من غير نكير. روي عن الضحاك أن قوماً من بني تميم استهزؤوا ببلال وخباب وعمار وصهيب