" صفحة رقم ٣٧٧ "
أعراض المسلمين. وقرىء :( فكرهتموه ) أي : جبلتم على كراهته. فإن قلت : هلا عدّى بإلى كما عدّى في قوله :) وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ ( ( الحجر : ٧ ) وأيهما القياس ؟ قلت : القياس تعدّيه بنفسه، لأنه ذو مفعول واحد قبل تثقيل حشوه، تقول : كرهت الشيء، فإذا ثقل استدعى زيادة مفعول. وأما تعدّيه بإلى، فتأوّل وإجراء لكره مجرى بغض، لأنّ بعض منقول من بغض إليه الشيء فهو بغيض إليه، كقولك : حب إليه الشيء فهو حبيب إليه. والمبالغة في التواب للدلالة على كثرة من يتوب عليه من عباده، أو لأنه ما من ذنب يقترفه المقترف إلا كان معفواً عنه بالتوبة. أو لأنه بليغ في قبول التوبة، منزل صاحبها منزلة من لم يذنب قط، لسعة كرمه. والمعنى : واتقوا الله بترك ما أمرتم باجتنابه والندم على ما وجد منكم منه، فإنكم إن اتقتيتم تقبل الله توبتكم وأنعم عليك بثواب المتقين التائبين. وعن ابن عباس :
( ١٠٧٨ ) أن سلمان كان يخدم رجلين من الصحابة ويسوّي لهما طعامهما، فنام عن شأنه يوماً، فبعثاه إلى رسول الله ( ﷺ ) يبغي لهما إداماً، وكان أسامة على طعام رسول الله ( ﷺ ) فقال : ما عندي شيء، فأخبرهما سلمان بذلك، فعند ذلك قالا : لو بعثناه إلى بئر سميحة لغار ماؤها، فلما راحا إلى رسول الله ( ﷺ ) قال لهما : مالي أرى خضرة اللحم في أفواهكما، فقالا : ما تناولنا لحماً فقال : إنكما قد اغتبتما فنزلت.
) ياأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (
الحجرات :( ١٣ ) يا أيها الناس.....
) مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى ( من آدم وحوّاء. وقيل : خلقنا كل واحد منكم من أب وأمّ، فما منكم أحد إلا وهو يدلي بمثل ما يدلى به الآخر سواء بسواء، فلا وجه للتفاخر والتفاضل في النسب. والشعب : الطبقة الأولى من الطبقات الست التي عليها العرب، وهي : الشعب، والقبيلة، والعمارة، والبطن، والفخذ، والفصيلة ؛ فالشعب يجمع القبائل، والقبيلة تجمع العمائر، والعمارة تجمع البطون، والبطن تجمع الأفخاذ، والفخذ تجمع الفصائل : خزيمة شعب، وكنانة قبيلة، وقريش عمارة، وقصى بطن، وهاشم فخذ،