" صفحة رقم ٣٨١ "
صنع عثمان رضي الله عنه في جيش العسرة، وأن يتناول الزكوات وكل ما يتعلق بالمال من أعمال البر التي يتحامل فيها الرجل على ماله لوجه الله تعالى ) أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ( الذين صدقوا في قولهم آمنا، ولم يكذبوا كما كذب أعراب بني أسد، أو هم الذين إيمانهم إيمان صدق وإيمان حق وجدّ وثبات.
) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الاٌّ رْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ (
الحجرات :( ١٦ ) قل أتعلمون الله.....
يقال : ما علمت بقدومك، أي : ما شعرت به ولا أحطت به. ومنه قوله تعالى :) أَتُعَلّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ ( وفيه تجهيل لهم.
) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَىَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلايمَانِ إِنُ كُنتُمْ صَادِقِينَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (
الحجرات :( ١٧ ) يمنون عليك أن.....
يقال : منّ عليه بيد أسداها إليه، كقولك : أنعم عليه وأفضل عليه. والمنة : النعمة التي لا يستثيب مسديها من يزلها إليه ؛ واشتقاقها من المنّ الذي هو القطع، لأنه إنما يسديها إليه ليقطع بها حاجته لا غير، من غير أن يعمد لطلب مثوبة. ثم يقال : منّ عليه صنعه، إذا اعتده عليه منة وإنعاماً. وسياق هذه الآية فيه لطف ورشاقة، وذلك أنّ الكائن من الأعاريب قد سماه الله إسلاماً، ونفى أن يكون كما زعموا إيماناً ؛ فلما منوا على رسول الله ( ﷺ ) ما كان منهم قال الله سبحانه وتعالى لرسوله عليه السلام : إنّ هؤلاء يعتدّون عليك بما ليس جديراً بالاعتداد به من حدثهم الذي حق تسميته أن يقال له إسلام. فقل لهم : لا تعتدّوا على إسلامكم، أي حدثكم المسمى إسلاماً عندي لا إيماناً. ثم قال : بل الله يعتد عليكم أن أمدّكم بتوفيقه حيث هداكم للإيمان على ما زعمتم وادعيتم أنكم أرشدتم إليه ووفقتم له إن صحّ زعمكم وصدقت دعواكم، إلا أنكم تزعمون وتدعون ما الله عليم بخلافه. وفي إضافة الإسلام إليهم وإيراد الإيمان غير مضاف : ما لا يخفى على المتأمل، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه، تقديره : إن كنتم صادقين في ادعائكم الإيمان، فللَّه المنة عليكم. وقرىء :( إن هداكم ) بكسر الهمزة. وفي قراءة ابن مسعود رضي الله عنه : إذ هداكم. وقرىء :( تعلمون ) بالتاء والياء، وهذا بيان لكونهم غير صادقين في دعواهم، يعني أنه عزّ وجل يعلم كل مستتر في العالم ويبصر كل عمل تعملونه في سركم وعلانيتكم، لا يخفى عليه منه شيء، فكيف يخفى عليه ما في


الصفحة التالية
Icon