" صفحة رقم ٤٠٩ "
مختارين للعبادة لا مضطرين إليها، لأنه خلقهم ممكنين، فاختار بعضهم ترك العبادة كونه مريداً لها، ولو أرادها على القسر والإلجاء لوجدت من جميعهم.
) مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (
الذاريات :( ٥٧ ) ما أريد منهم.....
يريد : أنّ شأني مع عبادي ليس كشأن السادة مع عبيدهم، فإنّ ملاك العبيد إنما يملكونهم ليستعينوا بهم في تحصيل معايشهم وأرزاقهم، فإمّا مجهز في تجارة ليفي ربحا. أو مرتب في فلاحة ليغتلّ أرضاً. أو مسلم في حرفة لينتفع بأجرته. أو محتطب. أو محتش. أو طابخ. أو خابز، وما أشبه ذلك من الأعمال والمهن التي هي تصرف في أسباب المعيشة وأبواب الرزق، فأمّا مالك ملك العبيد وقال لهم : اشتغلوا بما يسعدكم في أنفسكم، ولا أريد أن أصرفكم في تحصيل رزقي ولا رزقكم، وأنا غنيّ عنكم وعن مرافقكم، ومتفضل عليكم برزقكم وبما يصلحكم ويعيشكم من عندي، فما هو إلا أنا وحدي ( المتين ) الشديد القوة. قرىء : بالرفع صفة لذو وبالحر صفة للقوة على تأويل الإعتذار والمعنى في صفة بالقوة المتانة أنه القادر البليغ الإقتدار على كل شيء ( الرازق ) وفي :
( ١٠٩٠ ) قراءة النبي ( ﷺ ) : إني أنا الرازق.
) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ الَّذِى يُوعَدُونَ (
الذاريات :( ٥٩ ) فإن للذين ظلموا.....
الذنوب : الدلو العظيمة، وهذا تمثيل، أصله في السقاة يتقسمون الماء فيكون لهذا ذنوب ولهذا ذنوب. قال : لَنَا ذَنُوبٌ وَلَكُمْ ذَنُوب
فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَلَنَا الْقَلِيبُ
ولما قال عمرو بن شاس : وَفِي كُلِّ حَيٍّ قَدْ خَبَطْتَ بِنِعْمَة
فَحُقَّ لشَاسٍ مِنْ نَدَاكَ ذَنُوبُ


الصفحة التالية
Icon